بعد، مرور يومين كاملين، على اختفاء الطفلة، صورية لعيبش، صاحبة الثلاث سنوات بقرية بودومة التابعة إداريا لبلدية سيدي سليمان في ولاية تيسمسيلت، انتهت القصة بشكل مفرح مخالف تماما لتوقعات الجميع وما ذهب إليه والدها في اتهام مجهولين باختطافها أو أكلتها الحيوانات المفترسة في أدغال غابات منطقة بودومة. وكان والد صورية قد ظنّ أنه لن يجلس إلى جانب ابنته ثانية ولن يشم رائحتها إلا في الدار الثانية، قبل أن يتمنى من الله العزيز القدير ألا يراها قتيلة موزعة الأشلاء، كما حدث مع شيماء ونهال وسندس، وابراهيم وهارون.. هذه الأسماء لأطفال وقعوا ضحايا عمليات اختطاف في الجزائر ولم تشفع لهم البراءة والطهارة التي تملأ قلوبهم عند المجرمين الخارجين عن القانون وعن ملة ديننا الحنيف في أن يرأفوا بهم. أحمد لعيبش، روى قصة اختفاء ابنته قائلا: "كانت عقارب الساعة تشير إلى تمام الثانية زوالا، عندما تركت ابنتي تلعب بجوار المنزل كعادتها بقرية بودومة الغابية وكنت حينها متجها راجلا من منزلي إلى مكان عملي بمحيط بلدية سيدي سليمان، سالكا طريقا غابيا ضيقا ومتعرجا، فقد كنت في عجلة من أمري إلى درجة لم يعد في استطاعتي الالتفات إلى الوراء"، -يتابع الوالد روايته- "وبينما أنا منهمك في عملي سمعت رنين هاتفي فوجدت المتصل أخي يسألني عن الطفلة إن كانت معي أم لا، فرجعت حينها مسرعا إلى البيت وحالتي النفسية مضطربة إلى أبعد الحدود". وذكر والد صورية، أنه رفقة جيرانه وأقاربه، بحثوا عن الطفلة في كل مكان ولم يجدوها، "ولم يكن لدينا خيار سوى إبلاغ مصالح الدرك الوطني التي باشرت عملية البحث بداية بالاستماع إلى أقوال الأقارب والجيران"، لتنطلق عملية البحث والتمشيط من منزل المفقودة صورية، ثم غابات وجبال سيدي سليمان بالاستعانة بعانصر الجيش الوطني الشعبي ومصالح الغابات والحماية المدنية، وكذا بخبرة أهالي المنطقة وبواسطة الكلب البوليسي المختص في اقتفاء الآثار الذي قاد ذات المصالح مباشرة إلى سد كدية الرصفة بإقليم بلدية بني شعيب، وهناك تم الاستعانة بفرقة الغطس التابعة للحماية المدنية للبحث عن الضحية في قاع السد. فبعد مرور ساعات طويلة من البحث والترقب كتب القدر نهاية سعيدة لقصة صورية بعد أن تم العثور عليها نائمة بالقرب من جذع شجرة وسط غابة كثيفة تحيط بالسد أي نحو 5 كلم عن مقر مسكنها العائلي، حيث أفضت مجهودات الجميع إلى إنقاذ حياة صورية في اللحظة المناسبة، خاصة أن المنطقة معروفة بوجود حيوانات مفترسة مثل الذئاب والضباع والخنازير والكلاب الضالة، ومع ذلك لم تصب بأي مكروه. وقد جرى نقل الطفلة على عجل إلى مستشفى برج بونعامة يحيطها فريق طبي بالعناية اللازمة. كما علمنا من مصادر استشفائية أن صورية ستقضي في المستشفى بضعة أيام بهدوء حتى تستعيد كامل عافيتها ولياقتها البدنية. الغريب في الأمر حسب شهادات سكان المنطقة أن المكان الذي عثر فيه على الطفلة المفقودة معزول ومملوء بالحيوانات المفترسة وكانت الضحية قد قضت ليلة كاملة في العراء وسط غابة كثيفة وتحيط بها المخاطر من كل جانب.