كل شيئ "حلال" من أجل الاستمتاع فرارا من "نكسات" المنتخب الوطني ازدهرت تجارة بطاقات تشفير القنوات التلفزيونية العربية والغربية، بسبب تزايد الطلب عليها قبل وقت قصير من بداية كأس أوربا للأمم وهي على مشارف الدور الثاني. * ويعد اليورو من اكبر الأحداث الرياضية التي تأخذ اهتمام الجزائريين وأثبتت، بعد تتابعها خلال السنوات العشرين الماضية، أنها أنجح من الألعاب الأولمبية في جلب اهتمام الجمهور الرياضي الجزائري، وهي في نفس الوقت على أهمية كأس العالم، أو أقل منها بقليل جدا. * كما لا يبدو أن الكأس الأوروبية التي تشترك سويسرا والنمسا في تنظيمها هذا العام ستختلف عما درج عليه الجزائريون، إن لم يزد اهتمامهم بها أكثر وأكثر، بدليل أن ولعهم بمشاهدة المباريات شديد، وهم على كل حال ثلاثة أصناف. * * الأرضية حرمت الجزائريين من المتعة * وفي وقت تعود أفراد المجتمع الذين يتوفرون على تلفزيون بسيط مع جهاز استقبال ارضي بالقناة التلفزيونية الوحيدة (اليتيمة)، التي ينتظر أن تعرض بعض المباريات مجانا إلا أن القناة الوحيدة فأجات كل عشاق الرياضة بغيابها عن الحدث لأول مرة منذ الثمانينيات. * وحسب مسؤول القسم الرياضي في التلفزيون الجزائري ياسين بورويلة فإن حقوق البث للقناة المالكة، في وقت بلغ معدل شراء مباراة واحدة أزيد من 3 ملايير سنتيم. * وعادة ما تقوم القناة بشراء الأحداث الدولية الكبرى بالتوافق مع الممول الرئيسي، وذلك لتخفيف الأعباء لكن الأمر هذه المرة لم يكن ليحرم المشاهدون من المتعة الكروية، مثلما حرمت القناة من جذب اكبر عدد من المشاهدين بعد أن نفر منها الكثيرون. * * القنوات الفرنسية والألمانية قدر محتوم * ويلجأ البعض إلى امتلاك جهاز استقبال عبر الأقمار الصناعية إلا أن الخلاف بينهما كبير جدا، لكن دون اللجوء الى البطاقات الذكية. * ففتحي الساكن بباش جراح بالعاصمة، يريد اقتناء بطاقة الجزيرة الرياضية التي تباع بحوالي 4500 دينار جزائري، لأنه يريد أن تشاهد عائلته كأس أوروبا باللغة العربية، ويضيف أسامة: "لقد تعودنا في القناة التلفزيونية الأرضية على التعليق الرياضي باللغة العربية، وانظر إلى معلقينا البارزين مثل الحبيب بن علي أو عبد الحفيظ دراجي، فإنهما الآن في قناة الجزيرة الرياضية ويعلقان بلغة عربية ممتازة، ما يجعل أسرتي في مأمن من الغزو الثقافي". * لكن فتحي وجد نفسه مجبرا على متابعة الحدث عبر القنوات الالمانية او الفرنسية، ويقول محدثنا "وجدت نفسي مجبرا على تتبع الحدث في هذه القنوات المفتوحة مجانا بعد ان فشلت مساعي في الحصول على بطاقة الجزيرة الرياضية". * أما لمحمد سالمي رأي آخر: "أنا أسكن في حي الشعبي ولا يمكنني شراء بطاقة الجزيرة، لأنها غالية بعض الشيء، إلا أنني أذهب عند بائعي أجهزة التشفير وأدفع مائة دينار فقط وأتمكن بعدها من مشاهدة مباريات كأس أوروبا على قناتي M 6 و W 9 الفرنسيتين، علما أنني أفضل مشاهدة التعليق باللغة الفرنسية، لأنه أكثر دقة وموضوعية من التعليق باللغة العربية". اما البقية فقد انقطع حبل الوصال الذي كان يربطها بالقنوات السويسرية بعد ان شاهدوا مونديال المانيا عليها بالمجان. * * التشفير لم يمنع من تهافت الجزائريين على البطاقات الذكية * الواقع أن الحرب بين الشبكة الفرنسية وبائعي أجهزة التشفير الجزائرية، أشهر من نار على علم، ولقد جن جنون الفرنسيين أكثر من مرة، عندما تمكنوا من فك شيفرة القناة التي يفوق الاشتراك بها 5 ملايين سنتيم سنويا. في حين يشترى في الجزائر بأقل 100 دينار أحيانا، وبالمجان إن كان بائع الأجهزة صديقا لك، والأدهى من ذلك أن الكثير من أبناء الجالية الجزائرية في فرنسا، يشترون أجهزة التشفير الجزائرية، ويعودون بها إلى فرنسا. * ولقد اشتكت السفارة الفرنسية في الجزائر، من هذه اللصوصية مرارا وتكرارا، إلا أنها لم تجد آذانا صاغية من الجانب الجزائري، الذي لم يُوقّع بعد على كامل الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق التأليف والمؤلفين، وبالتالي فإن صداع الفرنسيين سيستمر. * وكان من نتائج الهجوم، أن توقفت أجهزة الاستقبال عن العمل، وفهم المستعملون أنهم قد هوجموا من فوق. * * الجزائريون مشجعون.. لإيطاليا * والمعروف أن الجمهور الكروي الجزائري، متابع بشكل ملفت لكرة القدم الأوروبية، فهو يعرف فرق الدرجة الأولى في كل بلد أوروبي ويعلم مواعيد أهم المباريات، كما يضبط مواعيده على ضوئها وحين تنتهي المباراة، (خاصة بين الفرق الأوروبية الأكثر شعبية في الجزائر)، تجد الشوارع تمتلئ بشباب يسيرون جماعات وهم يواصلون تحليل سير المبارة وأحيانا يخرج أنصار الفريق الفائز بالسيارات يلوحون بأعلامه. * وللفرق الإيطالية، وتحديدا فريقي جوفنتوس واسي ميلان، الحصة الأكبر من الجمهور الرياضي الجزائري. ويقول رشيد جبار وهو أحد المتابعين بشغف لكرة القدم. * رياضيا، لا يوجد خلاف كبير بين الجزائريين حول فريقهم المفضل في البطولة الحالية، لأن الغالبية تعشق الفريق "الأزوري"، أي إيطاليا والبعض ينتظر أداء بن زيمة في الفريق الفرنسي كي يعيد علاقة الحب مع الفريق الفرنسي بعد رحيل زين الدين زيدان. * * ولألمانيا واسبانيا نصيب من اهتمام الجزائريين * وكالعادة، يبدي بعض الجزائريين حبهم للفريق الألماني، لأنه يمثل برأيهم الصرامة والاستمرارية ولأنه نقيض الفريق الفرنسي لعبا وعقيدة، ويجمح الخيال بهذا الفريق من المناصرين فيظن أنه يؤدي "واجبا" خياليا لمحاربة المستعمر السابق، وبسبب غياب الفريق الإنجليزي فإن أنصاره في الجزائر سيميلون تقليديا إلى ألمانيا، ولا يعرف أحد لم لا يميلون إلى روسيا مثلا؟ وهو نفس حظ الفريق السويسري الذي لا يُتابع كثيرا في الجزائر. * أما الفريق النمساوي، فبالكاد يسمع به أحد، وكل ما يعرف عن هذا المنتخب هو انه كان متسببا رئيسيا في وأد انجاز تاريخي للكرة الجزائرية حينما تواطأ مع ألمانيا وحرمه من أن يكون أول منتخب عربي يحقق هذا الإنجاز قبل ان يدرك المغاربة ذلك في سنة 1986.