يقع كثير من المرضى ضحية شهواتهم وسلوكياتهم الخاطئة لاسيما خلال شهر رمضان الكريم رغم التوجيهات والنصائح المسداة إليهم من قبل الأطباء والمختصين ما يضطر هؤلاء إلى الاستنجاد بالأئمة لزرع ثقة أكبر بين الطرفين، حيث يرفض بعض المرضى، لاسيما المسنين منهم الإفطار في شهر الصيام ويلقون بأنفسهم إلى التهلكة، ومنهم من يتحايل في تناول الدواء ظنا منه انه يظفر بالثواب والأجر. "الشروق" نظمت ندوة تناولت الموضوع واستنطقت الأطباء والمختصين وجمعيات المرضى للتحسيس بمخاطر الصوم بالنسبة لهؤلاء المرضى وتقديم النصائح والتوجيهات من أجل صوم صحي دون تعقيدات أو مضاعفات.
المختصة في التغذية كريمة سعداوي: الخبز الأبيض والمصبرات والحوافظ.. سموم وسرطانات على موائد المرضى رافعت المختصة في التغذية كريمة سعداوي كثيرا خلال ندوة "الشروق" من أجل غذاء صحي لجميع المرضى وجميع الجزائريين حتى يتجنبوا التعقيدات الصحية القاتلة التي توصلهم يوميا إلى مصالح الاستعجالات. حيث قالت سعداوي "الصوم فرصة ثمينة جدا لنزع سموم الجسم، لكن الكيفية التي نصوم بها لا تمت بصلة للصوم الذي أمرنا الله به، فهو حرمان في النهار وبعد الفطور تحل الكارثة، ولا يلتزم كثير من المرضى بالنظام الغذائي المحدد". وحددت المختصة قائمة الأغذية الممنوعة على موائد المرضى الجزائريين في شهر رمضان وقد تشمل كافة الجزائريين لتجنب الكوارث. ونصحت المختصة قائلة "الإنسان لما يفطر يتجنب الماء البارد، لأنه مهلك للخلايا، ولأنه يجب الحفاظ على درجة الحرارة الداخلية للجسم، لذا أنصح بالماء الدافئ، لأنه نازع للسموم، وانصح بالتمر حتى بالنسبة لمرضى السكري بحبة تمر فقط". وغالبا ما يكون المريض مصحوبا بأمراض أخرى تمنع عنه الكثير من الأطعمة. وطالبت المختصة في التغذية "بالتخلص من الزيوت المهدرجة من بيوت الجزائريين، وكذا المارغرين، والبديل حسبها أن الشحوم الموجودة في اللحم للشربة كافية، او ملعقة زيت زيتون ممزوجة بالماء حتى لا تحترق". وأضافت المتحدثة "المصبرات أيضا خطيرة، لأنها مسرطنة وترفع نسبة الخطر للإصابة بأمراض أخرى بالنسبة للمرضى الحاليين، وكذا الشحوم الثلاثية المرتفعة والعصائر والمشروبات الغازية ومختلف المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة والتي تحتوي بالأخص على أملاح خفية تهدد صحة الإنسان". وانتفضت سعداوي بشدة إزاء الاستهلاك الواسع للخبز الأبيض من قبل كافة المرضى، والذي قالت انه عبارة عن سم لاسيما مع إضافة المحسن الغذائي الذي يحتوي على برومات البوتاسيوم وهو مادة مسرطنة ممنوعة في أمريكا وكندا والنيجر، ونحن فقط من نسمح ببيعه". المشكل الأكبر هو لجوء بعض ربات البيوت إلى تحضير الخبز في البيت واستعمال المحسن الغذائي، ويكمن الخطر في أنّ درجة حرارة فرن البيت لا تصهره وبالتالي تأخذه كما هو. الخبز الأبيض تقول سعداوي "خبز محروم من الفيتامين "ب" وهو يسبب هشاشة العظام ويسبب السرطان، لأن الفيتامين "ب" غير كامل، كما أنّ استهلاك خبزة واحدة يعادل 22 حبة سكر، فتخيلوا عندما نتناول سندويتشات ونقدمها لأطفالنا محشوة"، والبديل هو الشعير الكامل والخبز الكامل لمن يستطيع الحصول عليه والتحصن بالوعي الصحي والوعي الأسري. وكشفت المتحدثة أن "العديد من مرضى السكري النوع الثاني تخلوا عن الأنسولين بعد اتباعهم نظاما غذائيا متوازنا فصحتنا في غذائنا". ودعت في الأخير إلى الإكثار من تناول الفاكهة الغنية بالألياف وكذا السلطة التي يجب أن تكون الأميرة على الطاولة.
جميلة نذير مديرة الأمراض غير المتنقلة بوزارة الصحة: احذروا التسممات الدوائية والجلطات والغيبوبة والوفاة بسبب الصيام حذّرت جميلة نذير مديرة الأمراض غير المتنقلة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات المرضى المزمنين من الإصرار على الصيام لما قد ينجر عنه من تعقيدات ومضاعفات خطيرة قد توصلهم إلى الموت. وقالت ممثلة وزارة الصحة في ندوة "الشروق"، "الأمر مرتبط بالقناعة النفسية، لكن رغم هذا نجد الكثير من المرضى يصرون على الصيام رغم الكوارث الصحية التي يخلفها والتي قد تصل إلى الوفاة". وقسّمت المختصة الحالات المسموح لها بالإفطار إلى قسمين هما الحالات الفيزيولوجية على غرار المسنين والحوامل والمرضعات هؤلاء يسمح لهم شرعا وصحيا بالإفطار، والحالات المرضية والمرضية المزمنة التي تحتاج إلى تقييم من قبل الطبيب المعالج، وهنا يكون التشاور حول كيفية التعايش مع المرض والدواء في الفترة الرمضانية وإذا أمكنه إحداث التوازن فلا بأس من الصيام، غير أن هناك أمراضا تتنافى كلية والصوم على غرار ارتفاع ضغط الدم الحاد وأمراض السكري من نوع 1 وأحيانا نوع 2 إذا تطور وولد مضاعفات، وكذا أمراض القلب والشرايين وتخثر الدم والقرحة المعدية الحادة والصرع والربو وأزمات القصور الكلوي، خاصة إذا كان يقوم المريض بالتصفية وحتى قبلها، بالإضافة إلى بعض الأمراض العقلية والهرمونية. وتفسر أكثر الدكتورة نذير قائلة "هناك أمراض تستلزم أخذ الدواء بصفة مستمرة، غير أن البعض ودون استشارة الطبيب يقدمون على أخذ أدويتهم في الفترة بين الفطور إلى السحور سواء 3 أو 4 مرات، وهذا ما يعرضهم إلى تسمم دوائي بسبب الجرعات الزائدة التي تكون لها عواقب وخيمة، سيما مرضى السكري والقلب وغيرهما. ونصحت المختصة بالتوجه إلى الطبيب المعالج الأقرب ومرافقته في هذا الشهر حتى لا يحرم المريض صيامه وكذا تعويد الجسم على الصيام في شهر شعبان للتأكد من إمكانية ذلك". وتعمل وزارة الصحة مع نظيرتها للشؤون الدينية والأوقاف لتدعيم موقفها الطبي برأي الدين، حيث أكّدت أن الأئمة يرافقونهم دوما في خرجاتهم ونشاطاتهم وطالبت بتعزيز الخطاب الديني وتقويته وتحسيس المواطنين والمرضى بأن الصوم في الحالات المنهي عنها يعد انتحارا يؤثم صاحبه. وأطلقت وزارة الصحة حملة للمصابين بالأمراض المزمنة والصيام في رمضان ووجهت تعليماتها في 11 ماي لمدراء الصحة بضرورة إشراك الأئمة ورجال الدين في العملية، لأن العملية كما تقول ممثلة الصحة "عمل تكاملي بين الصحة ورجال الدين". وأثارت المتحدثة مشكل عناد المسنين الذين يرفضون الإفطار بدعوى أنهم لا يحسون بالجوع أو العطش وقد يكون هذا صحيح، لكن الضرر الأكبر يبقى تعرض هؤلاء إلى الحرارة، وبالتالي جفاف الجسم من الماء، الأمر الذي قد يؤدي إلى الجلطات الدموية وحوادث الشلل الدماغي النصفي. وحسب المتحدثة فإن مضاعفات المرض تراجعت بشكل ملحوظ سيما غيبوبة السكري وارتفاع الضغط، مرجعة السبب إلى التشخيص وارتفاع الوعي، حيث سجلت قفزة نوعية بين 2008 و2009 من حيث قابلية التشخيص. وحسب دراسة أجريت في 2003 فقد كان ثلثا المرضى لا يعلمون إصابتهم وتعكف الوزارة على إعداد دراسة للوقوف على تفاصيل ومعلومات جديدة عن انتشار السكري في الجزائر وطبيعته بمختلف المؤشرات والعلاجات، ويشمل المسح 7500 عينة عبر 46 ولاية. ويصادف رمضان هذه السنة فترات حرارة شديدة تزيد من حدة التجفف وخطورة الأمراض المزمنة وكذا من تكرار الأمراض المعدية، لذا تنصح المختصة بتتبع توجيهات الطبيب المعالج.
فيصل أوحدة رئيس جمعية مرضى السكري: مسنون يتعنتون ويصومون.. وعلى المساجد دعمنا لتوعيتهم قال فيصل أوحدة، رئيس جمعية مرضى داء السكري لولاية الجزائر العاصمة، إن أكبر عائق تواجهه الجمعية، هو تعنت المسنين وإصرارهم على الصوم، اعتقادا منهم أن ذلك تقرب إلى الله رغم تعرضهم للمضاعفات أو الموت. ويرى أن هؤلاء يثقون في الأئمة أكثر من أطبائهم، مضيفا أن نقص الوعي والإرشاد والتحسيس جعل هذه العقلية سائدة عند غالبية كبار السن، وعلينا حسب فيصل أوحدة التوجه إلى المساجد كأحسن مكان لاسترداد ثقة هؤلاء بالتعاون مع الأئمة حتى نقنعهم بما نصحهم أطبائهم. وأكد رئيس جمعية مرضى داء السكري بالعاصمة أن 99 بالمائة من المرضى الذين يستجيبون لنصائح أطبائهم بعدم الصيام، هم شباب، الأمر الذي اضطر الجمعية للقيام بحملات تحسيسية، حيث يقوم أطباء عامون ومختصون وأئمة ومرشدون بالتقرب من كبار السن المرضى وتوعيتهم بطريقة فيها ترغيب وترهيب، مشيرا أنه تزامنا مع صلاة الجمعة القادمة ستقوم قافلة من الجمعية بدخول المساجد لتوعية المصابين بداء السكري، خاصة الكبار من خطورة التعنت والإصرار على الصيام في حالة مخالفة أطبائهم الذين نصحوهم بعدم الصيام. وأوضح فيصل أوحدة، في ندوة الشروق أن الجمعية حققت نجاحا وصل إلى 60 بالمائة بفضل حملات التوعية الصحية التي تأتي مع اقتراب كل شهر رمضان فيما يخص حالات السكري التي تمنع الصيام، حيث قال إنه منذ 2009، أصبح الكثير من الجزائريين على دراية بأعراض السكري وأنواعه ومضاعفاته نتيجة قابلية التشخيص لدى الكثير منهم. ويسمح بالصوم بالنسبة لمرضى داء السكري، فقط للحالة غير المصحوبة بمضاعفات متوازنة بواسطة القواعد الصحية الغذائية، أو مضادات داء السكري، وهي من النوع الثاني للداء، أما الحالات التي تعالج بالأنسولين والمصحوبة بالمضاعفات فيمنع على المريض صوم رمضان، ونفس الأمر بالنسبة للنساء الحوامل أو الأمهات المرضعات المصابات بالسكري.
رشيد سعداوي رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية: 20 ألف جزائري مهددون بمضاعفات تنفسية خلال رمضان.. خصوصية رمضان لهذا العام تستدعي إجراءات استعجالية للأمراض التنفسية حذر، رشيد سعداوي، رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية الجزائريين الذين يعانون أزمات تنفسية حادة وحساسية مفرطة، استشارة أطبائهم قبل حلول شهر رمضان، والأخذ بنصائحهم، وفي حالة منعهم من الصيام يجب، حسب سعداوي، أن يلتزموا بذلك، حيث أن مثل هذه الأمراض قد تؤدي للوفاة بعد الامتناع عن الأكل والشرب طوال النهار. وقال سعداوي في ندوة "الشروق"، إن أغلب مرضى الأمراض التنفسية الخطيرة، الذين يتعمدون الصيام ومخالفة أطبائهم، هم المسنون، اعتقادا منهم أن الحالات التنفسية لا علاقة لها بالصوم أو الإفطار، كما أن عقلية المجتمع العامة تعتقد هي الأخرى ذلك. ونبّه، سعداوي، إلى مشكلة تطرح خلال شهر رمضان، يعاني منها مرضى الأمراض التنفسية، وهي اكتظاظ مصالح الاستعجالات بهم، خاصة وأن الصوم يضاعف عددهم، مع العلم أن الكثير منهم يترددون على الاستعجالات طوال السنة، ويبقون متمددين لساعات قد تصل إلى أسبوع أحيانا خاصة بالنسبة للذين يعانون انسدادا مزمنا في القصبات الهوائية. ودعا المتحدث وزارة الصحة لمرافقة هؤلاء، علما أن عددهم يتجاوز ال20ألف مريض في الجزائر، 10ألاف منهم فقط في العاصمة، ومنهم حوالي 5 بالمائة مصابون بأمراض تنفسية حادة، و20 إلى 30 بالمائة يعانون حساسية نوعية خطيرة، يحتاجون حسب رئيس الجمعية إلى أجهزة تنفسية محمولة تصل أسعار بعضها إلى 50 مليون سنتيم. وأضاف أن بعض المرضى يحتاجون أكثر للأكسجين خلال شهر الصيام، وأن خصوصية رمضان لهذه السنة نظرا لتميزه بأطول الأيام وبارتفاع درجة الحرارة، سيكون أكثر خطورة على صحة المصابين بالأمراض التنفسية، مما يجب عليهم تفادي أوقات الذروة الحرارية وتفادي السهر وبذل الجهد والتدخين.