بالرغم من أن صندوق النقد الدولي ثمّن وحيّى مضمون النموذج الاقتصادي الجديد، الذي باشرت الحكومة الجزائرية تطبيقه منذ أشهر، إلا أنه بالمقابل حذر من تآكل سريع لمدخرات احتياطي النقد الذي ينام اليوم على 100 مليار دولار، وعاد ليفتح باب الاستدانة الخارجية كأحد الخيارات أمام السلطات الجزائرية، وأكد خبراؤه: "الجزائر لا تعاني من مشكلة ارتفاع الدين الخارجي، فلما لا تتوجه للاستدانة من الخارج لتغطية العجز في الميزانية؟" استكمل صندوق النقد الدولي تقريره بشأن الملاحظات الموجهة للجزائر، بعد زيارة المعاينة التي قادت عددا من خبرائه قبل أسابيع، والخاصة بتداعيات انهيار أسعار النفط وإصلاحات التنويع الاقتصادي، وخلص ال"أفامي" إلى أن النشاط الاقتصادي في الجزائر استطاع مقاومة الصدمة، إلا أن نسبة النمو تراجعت في مجال المحروقات، نتيجة تقليص النفقات، حيث سجلت الجزائر سنة 2016 نموا في الناتج الداخلي الخام عادل 2.9 بالمائة، وارتفعت نسبة التضخم من 4.8 إلى 6.4 بالمائة بين سنتي 2015 و2016 لتسقف عند 7.7 بالمائة كمعدل سنوي شهر فيفري المنصرم، وطالب الصندوق المسؤولين الجزائريين بالعمل على خفض نسبتها. ومثلما نص عليه التقرير الأولي لشهر أفريل المنصرم، حول التحديات الاقتصادية العالمية، حددت نسبة البطالة في الجزائر ب10.5 بالمائة شهر سبتمبر الماضي، 26.7 بالمائة عند الشباب و20 بالمائة عند النساء، وبالرغم من أن الأفامي حيّا سياسة ترشيد النفقات في الجزائر، إلا أنه حذر من ارتفاع العجز في الميزانية بسبب ارتفاع الدين العام، نتيجة تسديد ضمانات القروض الممنوحة من قبل الحكومة، كما تحدث التقرير عن انخفاض سريع لاحتياطي النقد الذي كان يحتوي أكثر من 100 مليار دولار شهر أفريل الماضي، وفتح خبراء صندوق النقد الدولي باب الاستدانة الخارجية، معتبرين أنها خيار مناسب إذا تمت بحذر لتغطية العجز في الميزانية، خاصة وأن الدين الخارجي للجزائر اليوم ضعيف جدا. وفيما يخص التحديات الكبرى للاقتصاد الجزائري، بارك صندوق النقد الدولي الجهود المبذولة من طرف السلطات الجزائرية لمجابهة الصدمة النفطية، إلا أنه في السياق نفسه دعا المسيرين إلى انتهاج سياسات أكثر صرامة واعتماد إصلاحات قطاعية طموحة، عبر تخفيض المصاريف والخروج من جلباب المحروقات ورفع نسبة النمو، وهي الإصلاحات التي قال إنها ستسمح بتطوير القطاع الخاص، كما ثمن الأفامي إجراءات تحسين مناخ الاستثمار، والتفكير على المدى البعيد في إطار مخطط النمو الاقتصادي، داعيا لتخفيض البيروقراطية، وتحسين آليات الحصول على القروض وتكريس الشفافية وإنعاش سيرورة سوق العمل، وفتح الاستثمارات على الخارج. وفي نهاية المهمة التقييمية للاقتصاد الجزائري، تحدث الأفامي عن زيادة مرونة سعر الصرف إلى جانب الضبط المالي والإصلاحات الهيكلية التي يمكن أن تساعد على معالجة الاختلالات الخارجية ودعم تنمية القطاع الخاص، مطالبا بتشجيع سوق النقد السندي ومواجهة السوق الموازية للعملة الصعبة.