خبراء يحذّرون من وضع سيادة البلاد بين يدي صندوق النقد الدولي
رسم صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير حول وضعية الاقتصاد الجزائر، صورة قاتمة، نتيجة استمرار ارتفاع العجز في الميزانية والتراجع الحاد في الإيرادات الوطنية. واستغلت الهيئة الدولية هشاشة الظرف الحالي لإخراج "وصفتها السحرية" من خلال "وصايا" للحكومة للقيام بإصلاحات هيكلية لتنويع الاقتصاد واللجوء إلى الاستدانة الخارجية وتعميق مسار خوصصة المؤسسات العمومية وتحرير تدريجي لنسبة الصرف وتقليص دعم الدولة للشرائح الشعبية العريضة. وأشار الأفامي إلى أن "وضعية الميزانية الحالية لا تثير قلقا كبيرا إلا أن الجزائر قد تعرف مرحلة سلبية على المدى الطويل". وأفادت الهيئة الدولية في تقريرها السنوي الذي أصدره مجلس إدارة الصندوق يوم الخميس المنقضي أن احتياطات صرف الجزائر انخفضت ب35 مليار دولار سنة 2015 بعد أن بلغت 192 مليار دولار سنة 2013، فيما بلغ معدل التضخم 4.8 بالمائة سنة 2015 ومن المنتظر أن ينخفض إلى 4.3 بالمائة سنة 2016 ليحتفظ بهذا التوجه إلى غاية 2021، حيث سيسجل 4 بالمائة. وعبّر صندوق النقد الدولي عن انشغاله بخصوص استمرار ارتفاع العجز في الميزانية الذي من المنتظر أن يتعمق إلى 6 % من الناتج الداخلي الخام سنة 2014 بسبب انخفاض عائدات تصدير المحروقات والحفاظ على مستوى نفقات مرتفع. وتابع ذات المصدر أن "صندوق ضبط الإيرادات حتى وإن كان مخزونه، معتبرا إلا أنه قد يعرف تراجعا للسنة الثانية على التوالي، داعيا إلى "ترشيد أكبر للنفقات" من خلال وضع قاعدة ميزانية لتسيير إيرادات تصدير المحروقات. كما أكدت هيئة بروتن وودز على أن "السلطات الجزائرية مطالبة بتسقيف اللجوء إلى إمكانات صندوق ضبط الإيرادات لتغطية عجز الميزانية وتحديد سعر مرجعي للبرميل يقارب ذلك المتداول في السوق". وتتوقع نفس الهيئة حدوث تحسن إلى غاية 2021 رغم انخفاض أسعار الخام الذي يبدو أنه سيتواصل، كما أشارت إلى أنه في سنة 2015 ارتفع المنتوج الداخلي الخام ب3.9 بالمائة حسب المؤسسة التي تتوقع نسبة نمو ب3.4 بالمائة سنة 2016 و2.9 بالمائة سنة 2017، وستشهد نسبة النمو ارتفاعا ابتداء من 2019 لتبلغ 3.4 بالمائة سنة 2021، وتتوقع المؤسسة أن قطاع المحروقات الذي شهد تحسنا في نسبة النمو سنة 2014 سيحتفظ بهذا التوجه خلال السنوات الخمس المقبلة، كما سيتقلص العجز المالي الذي تضاعف سنة 2015 ليتموقع في حدود 16 بالمائة من المنتوج الداخلي الخام. وأكد صندوق النقد الدولي أن الجزائر بإمكانها مواجهة الأزمة النفطية الناجمة عن انهيار أسعار البترول والتي لم يكن لها إلا أثرا محدودا على النمو الاقتصادي، حيث يقترح صندوق النقد الدولي إعادة توازنات الاقتصاد الكلي والقيام بتطهير مدعم للمالية العمومية على المدى المتوسط، كما ينبغي أن ترافق هذه الإجراءات بإصلاحات هيكلية لتنويع الاقتصاد.. ويرى خبراء اقتصاديون أن وصايا "الأفامي" تهدد السيادة الوطنية وتعرّضها للخطر. خاصة أنّ الاستنجاد بأموال الهيئات المالية الدولية لتغطية النفقات العمومية يُعرّض الاقتصاد الوطني لمواجهة تبعات تطبيق توصياتها، وعدم التمتع بالاستقلالية في تبني الأنظمة والقوانين لحماية السوق الجزائرية، بالإضافة إلى وضع الاقتصاد الوطني مجددا تحت مراقبة هذه الهيئات. وفي تطرقها إلى السياسة النقدية، أشارت المؤسسة النقدية العالمية إلى أن بنك الجزائر "يتماشى بشكل ملائم مع تطور السيولة"، وأكدت أن مرونة أكبر لنسبة الصرف ستسهل مواجهة الأزمة النفطية، مشيرة إلى أن القطاع المصرفي الجزائري في مجمله مربح ومثمر.