أوشك شهر رمضان على النهاية ولم نكتشف بعد ملامح الإنتاج التلفزيوني الجزائري بين دراما تغرد خارج واقعها وسيت كوم غارق في التفاهة والكاميرا الخفية التي تحوّلت إلى جلسات تعذيب للجمهور وللإساءة للناس. ورغم الانتفاح الحاصل في ميدان السمعي البصري والذي أنهى عهد احتكار التلفزيون الحكومي للإنتاج التلفزيوني لكن الواقع لم يتغير كثيرا بين عهد الأحادية وزمن التعددية بل بالعكس هناك من يرى أن التلفزيون الواحد كان أكثر قربا من واقع الجزائريين وهمومهم الحقيقية بينما أضحت اليوم المسلسلات الدرامية الجزائرية على -قلتها- تغرّد خارج الواقع الجزائري وتحلق داخل أسوار القصور وحياة خمس نجوم. المخرج علي عيساوي يرى أن ثقافة الاستهلاك والبحث عن الربح السريع هي التي أنتجت هذا النوع من الإنتاجات حتى صرنا اليوم نصفق على الرداءة ونشجعها وأرجع عيساوي انحصار الإنتاج الجزائري إلى سياسة الإنتاج المنفذ المفرطة التي تعتمدها القنوات لأن أغلب المنتجين المنفذين "دخلاء على المهنة وهدفهم الربح السريع حيث أصبح ميدان السمعي البصري اليوم للدخلاء أشبه ب"حاسي البترول" في الثمانينيات كان التلفزيون يستلهم مواضيع أعماله من مشاغل الناس اليومية ويقدم أعمالا يجد المتفرج نفسه فيها بينما اليوم ورغم الايجابيات التي نلمسها في تطور التقنيات وظهور جيل من الشباب لكن أغلب الإنتاج التلفزيوني اليوم بعيد عن انشغالات المواطن. المنتجة سميرة حاج جيلاني ترى أن رمضان هذا الموسم حمل جانبا ايجابيا يتمثل في المنافسة بين القنوات الخاصة على جلب الجمهور ورغم الأخطاء المسجلة ترى جيلاني أن هذه المنافسة مقدّمة لتحسن المستوى للحفاظ على المكانة في السوق. من جهة أخرى، دافعت جيلاني عن المنتجين وقالت إن سبب رداءة البرامج الجزائرية تعود لغياب القواعد المهنية وبروز طبقة من الانتهازيين والدخلاء على المهنة واعتبرت أن توفير شروط الإنتاج أساس توفير محيط مهني للنجاح وفي مقدمتها المال. نبيل عسلي اعتبر أن صورة الإنتاج الدرامي في الجزائر تعكس صورة المجتمع ككل واعتبر أن تحميل الفنان أو المخرج مسؤولية رفع المستوى غير عادل وغير منطقي لأن ثمة عوامل أخرى تتحكم في كواليس العملية الإنتاجية لا تعرفها شريحة واسعة من الناس.