يتأمل المشاهد الجزائري في كل مرة يعلن فيها عن الشبكة البرامجية الرمضانية، أن تكون هذه السنة أفضل من سابقاتها، أو عسى أن يكون هناك إنتاجان أو ثلاثة يحفظون ماء وجه التلفزيون الجزائري بفضائياته المختلفة، حتى تكسب ود المشاهد، الذي تعوّد في كل موسم رمضاني تجرع مرارة الرداءة.. بالرغم من تأكيد مدير التلفزيون الجزائري توفيق خلادي بأن شبكة هذا الصيف التي تخص القنوات الخمس للتلفزيون الجزائري ستكون متنوعة وثرية، حيث تشمل البرامج الدينية وبرامج التسلية والدراما الجزائرية والعربية، بالإضافة للبرامج ذات العلاقة بذكرى خمسينية الاستقلال، ناهيك عن المسابقات الفكرية التي تعودنا عليها في الشهر الكريم، إلا أن المتتبع لهذه القنوات يجد نفسه كل سنة يقف أمام رداءة معظم البرامج التلفزيونية إلا من رحم ربي، وهي مع الأسف تعد على أصابع اليد الواحدة. فلا الدراما ولا الفكاهة ولا الحصص التي تبث استطاعت أن تلم شمل العائلة الجزائرية حول القنوات التلفزيونية التي تزايدت دون أي نتيجة، وهو ما جعل المتفرج يبحث عن البديل في القنوات الفضائية العربية التي تعرف زخما كبيرا في الإنتاج التلفزيوني، لا سيما منها الدراما الخليجية والمصرية فبالرغم من الظروف التي تعيشها، إلا أنها كانت في الموعد مع جمهورها من مختلف الدول العربية. هذه السنة لن نذهب بعيدا، فمن حسن حظ المشاهد الجزائري تم فتح مجال السمعي البصري، لتظهر إلى الوجود قنوات تمكنت على الأقل من تقديم برامج متنوعة جلبت استحسان المشاهد الجزائري. فلا يمكن الإنكار أن القنوات الجزائرية العمومية قدمت السنة الماضية بخلاف السنة الحالية مسلسلات عرفت إقبالا جزائريا كبيرا، وبقي «المغبون على أمره» ينتظر مشاهدة أجزائها الثانية خلال رمضان الحالي، إلا أن المفاجأة كانت بعرضها على القنوات الفضائية الجزائرية الخاصة، مثل الدراما الاجتماعية «ويبقى الزمن» أو «الذكرى الأخيرة» في جزئه الثاني لمسعود العايب الذي حوّل وجهته إلى قناة «الجزائرية» لتتحول بذلك وجهة الجزائريين إلى هذه القنوات بحثا عن الأحسن، كما قامت إحدى الفضائيات بعرض الجزء الثالث من السلسلة الكوميدية «عمارة الحاج لخضر» للخضر بوخرص، وحسب الكثيرين فإن هذه السلسلة تصنع الفرجة والمتعة لما تتناوله من مواضيع اجتماعية بطريقة هزلية، وكأن بنجوم الفكاهة والكوميديا كانوا ينتظرون الفرج ليتنفسوا الصعداء في هذه القنوات حيث قدم بوخرص «هموم الناس»، «اللهم إني صائم» و«السبيطار»، إضافة إلى ظهور كمال بوعكاز ومراد خان، على هذه الفضائيات، كما وجدت حصة «خاتم سليمان» مكانة لها، وهي التي عرفت نسبة مشاهدة كبيرة، كونها تعتبر مسابقة فكرية، تفتقد إليها البرامج التلفزيونية الجزائرية. إلى جانب ذلك تقدم الفضائيات الجزائرية الخاصة أروع البرامج من الدينية إلى الدرامية، وحتى البرامج الموجهة للنساء والشباب، لتلبي متطلبات مختلف الشرائح، دون أن ننسى الفكاهة التي تفوقت فيها من خلال «الكاميرا المخفية» التي تقدمها والتي تزرع من دون شك الابتسامة والفرجة، عكس القناة الوطنية التي اختارت أن تفتح موسمها الرمضاني ب «حكايتكم حكاية»، ولا مجال للحديث عن هذه الحصة، قد تكون الفكرة جميلة، حيث يجوب منشطها مختلف المدن الجزائرية، بحثا عمن يحكي له «نكتة»، لكن الأدهى أن أغلب من صادفهم قدموا حكايات صنعت الابتسامة ليس لطرافتها، وإنما لتفاهتها، كونها حكايات مل المشاهد من سماعها في مختلف المناسبات والأماكن. ونقول في الأخير سوى أن المشاهد هو من يتجرع مرارة ورداءة ما يبث على القنوات الجزائرية، وهو من يرغب في هذا الشهر الكريم في استنشاق رائحة الإنتاج الجزائري، على أساس أن الجميع بمن فيهم المخرج وكاتب السيناريو والمنتج، يتنافسون في رمضان على عرض أعمالهم، غير أن الواقع يثبت أن المنافسة في الجزائر لا تأتي بأي نتيجة، وما يبث على التلفزيون الجزائري خير دليل على ذلك..