أبرق وزير الصناعة والمناجم، محجوب بدة، إلى ولاة الجمهورية، يطالبهم بإحصاء وجرد العقار الصناعي، وإيفاده بقوائم مفصلة عن الاستفادات والتخصيصات، والمساحات المسترجعة، طيلة الخمس سنوات الأخيرة، وذلك في خطوة لتقييم خريطة انتشار مناطق النشاط والمناطق الصناعية ومراجعتها، بما يتناسب والتوجهات الجديدة. علمت "الشروق" من مصادر حكومية أن وزير الصناعة والمناجم وجه مراسلة إلى ولاة الجمهورية، يخطرهم بأوامر تلقاها من الوزير الأول عبد المجيد تبون، تطالبهم بإيفاد وزارة الصناعة والمناجم، كجهة وصية على مجال الإستثمار بتفاصيل الوعاءات العقارية المتوفرة، المستغل منها وغير المستغل، ولأول مرة تطالب الحكومة الولاة بإيفادها بقائمة الاستفادات والتخصيصات الموقعة، والجهة المستفيدة، ودراسة جدوى المشاريع موضوع الاستفادة، ونسبة إنجاز هذه المشاريع إلى جانب أسماء رجال الأعمال المستفيدين منها، والمساحات التي استفادت منها بعض الأسماء تحديدا. وقالت مصادرنا أن مراسلة وزارة الصناعة، استنفرت الولاة، خاصة بالولايات الكبرى، التي شكلت مجال اهتمام وتسابق البعض من رجال الأعمال "المحظوظين"، وفيما يشبه التحقيق، شرع الولاة بإحصاء وجرد العقار الصناعي والمساحات التي شكلت مضمون قرارات استفادة المستغل منها والتي تعاني مشكل وضع اليد والحجز دون استغلال، هذا المشكل الذي عجزت الحكومة عن مواجهته رغم ترسانة الإجراءات التشريعية التي اعتمدتها، خاصة تلك التي حملها قانونا المالية للسنة الجارية والسنة الماضية، والتي كان يفترض فيها تطبيق قاعدة سحب كل عقار صناعي لا يلتزم المستفيد منه بإطلاق المشروع موضوع الاستفادة خلال الخمس سنوات التي تلي قرار الاستفادة، وذلك بعد أن يكون قد تم إخضاع المستفيد لدفع رسم عند حدود 3 بالمائة من القيمة الإجمالية للاستثمار عند السنة الثالثة. وقالت مصادر "الشروق" أن تحرك وزارة الصناعة في اتجاه التحقيق في "نهب" العقار الصناعي، يأتي كخطوة مكملة لعملية التطهير التي "كنست" رجالات وحاشية الوزير السابق عبد السلام بوشوارب من مبنى وزارة الصناعة في ظل تسلم وزير الصناعة الجديد تقارير عن استفادات غير مبررة، وغير متكافئة واستفادات لامتناهية ومئات الهكتارات ذهبت لفئة صغيرة جدا من رجال الأعمال "المحظوظين"، هذه القائمة الضيقة جدا تكاد أن تكون مكررة في جميع الولايات الكبرى، وهناك تقارير تشير إلى تخصيص مساحات شاسعة من عقار "الدولة" استفاد منها رجال أعمال حولوها عن طابعها الاستثماري، وأقاموا بها سكنات ترقوية درت الملايير على أصحابها دون تسجيل نسب مردودية اقتصادية أو مساهمة في معدلات النمو خارج المحروقات. وأكدت مصادرنا أن نتائج التحقيق في توزيع العقار الصناعي، ستنتهي إلى اتخاذ جملة من القرارات يتقدمها إلغاء استفادات واسترجاع آلاف الهكتارات، حسب الأصداء الأولية، وهو الأمر الذي سيسهل من مهمة الوزير الأول عبد المجيد تبون في تطبيق، خيار الاعتماد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كبديل عن المشاريع الصناعية الكبرى، هذا الخيار الذي يعد منسجما مع اعتقاده أن المشاريع الكبرى بحاجة إلى مدة زمنية طويلة حتى تحقق المردودية المنتظرة، في حين أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أظهرت إيجابيتها في العديد من الاقتصاديات العالمية مردوديتها عاجلة، وهو المطلوب بالنسبة لحكومة تبون التي يعد الظرف المالي للبلاد أول منافس لها، كما تعد عمليات تطهير العقار الصناعي من الاستفادات الوهمية والمشبوهة، أول خطوة ضمن عملية تقويم النمط الاقتصادي التي أعلنها لدى رده على استفسارات نواب المجلس الشعبي الوطني قبيل مصادقتهم على مخطط عمل الحكومة الجاري مناقشته من قبل سيناتورات الأمة.