أبرقت مختلف المصالح المعنية بتسيير العقار الصناعي، تتقدمها الوكالة الوطنية للوساطة العقارية ومديرية تسيير المدن الجديدة، إعذارات للمستفيدين من وعاءات عقارية غير المستغلة وأمهلتهم إلى نهاية ديسمبر الجاري لإطلاق المشاريع موضوع الاستفادات أو استرجاعها بتسخير القوة العمومية بداية جانفي قصد تحويل استفادتها إلى أصحاب المشاريع الجاهزة للانطلاق، وسط مقاومة كبيرة أبانها أصحاب النفوذ للقرار أغلبهم مسؤولون سابقون. وعلمت "الشروق" من مصادر مسؤولة، أن ولاة الجمهورية ومسؤولي الوكالة الوطنية للوساطة العقارية ومسؤولي مديريات تسيير المدن الجديدة وجهوا إعذارات إلى المستفيدين من عقارات صناعية غير مستغلة، وحملت الإعذارات التي اطلعت عليها "الشروق" صيغة تخيير المستفيد بين إطلاق المشروع مضمون الاستفادة، أو سحب مساحات الأراضي المخصصة له في آجال زمنية لن تتجاوز بداية جانفي القادم بالنسبة للبعض ومنتصف نفس الشهر بالنسبة إلى البعض الآخر، وذلك تطبيقا لتعليمة وصلت ولاة الجمهورية من الوزير الأول عبد المالك سلال تأمر بإحصاء المساحات غير المستغلة واسترجاعها من أصحاب المشاريع على الورق أو "الوهمية" إذا صح التعبير. وعلمت "الشروق" أن إعذارات السحب أو الإخلاء أثارت زوبعة بعدة ولايات، كما أنتجت مقاومة لدى أصحاب النفوذ، خاصة أن القائمة في الولايات الشمالية والمدن الكبرى تضمنت أسماء مسؤوليين سابقين، حركوا آلة "المعارف" و"الأصحاب" للنجاة من مقصلة القرار الذي يبدو أحد الخيارات الحتمية للحكومة لاستقطاب الاستثمار وإقامة مشاريع صناعية ذات مردودية تشكل مخارج نجاة للأزمة النفطية وسفينة للمرور إلى ضفة مرحلة ما بعد البترول. الإعذارات التي من المتوقع أن تتنامى إلى درجة المقاومة لإبطال مفعولها، حسب مصادرنا، ستمكن الحكومة من استرجاع مساحات عقارية تمثل نسبة 60 بالمائة من مجمل العقار الصناعي المسلم للمستثمرين الصناعيين عن طريق الامتياز وغير المستغل، ليوضع تحت تصرف مستثمرين آخرين من أصحاب المشاريع الجادة، وهي المشاريع التي ستمكن الحكومة من تفعيل نشاط 18 منطقة صناعية عبر الوطن في تحملها حقيبة الحكومة للثلاثي الأول من السنة القادمة، والتي من المرجح أن تتربع على مساحة 5 آلاف هكتار لتضاف إلى 31 منطقة صناعية من بين 49 منطقة مبرمجة، أنجزت على مساحة تزيد عن 8 آلاف هكتار، حسب تقارير وزارة الصناعة والمناجم. عملية سحب العقار الصناعي من أصحاب "الأقنعة" والنفوذ ستلازمها في الأيام القليلة القادمة إعادة هيكلة للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري ما يمكن من مراجعة وظيفتها وجعل مهمتها الرئيسية تسهيل حصول المستثمرين على العقار دون الخوض في دراسة المشاريع، وذلك لتسهيل حصول المتعاملين الاقتصاديين على العقار لاسيما ذلك المخصص لإنجاز المشاريع الاستثمارية، بعد أن أدرجت الحكومة إجراءات جديدة في مشروع قانون المالية للسنة القادمة والتي ستمكن المتعاملين الخواص من خلق وتهيئة وتسيير مناطق النشاط أو مناطق صناعية عبر التراب الوطني شريطة ألا تكون فوق أراض فلاحية. ومعلوم أنه من بين الأسباب التي أسست لإجراء قرار نزع الوعاءات غير المستغلة سياسة دعم الاستثمار المطبقة من السلطات العمومية والرامية إلى زيادة العرض الاقتصادي للعقار زيادة معتبرة ومواجهة الطلب على تجسيد المشاريع الاستثمارية، الأمر الذي استدعى إشراك كافة الفاعلين والترخيص للمتعاملين الخواص بتثمين ممتلكاتهم العقارية بوضعها تحت تصرف المستثمرين، لكن خلق وتهيئة هذه المناطق سيخضع لدراسات مسبقة شريطة خضوعها للاحتياجات المتعلقة بسياسة تهيئة الإقليم.