"فنجان شاي مع المسكرات".. متعة وتذوق في سهرات الصيف وبين أجواء الشواطئ، حيث لا يستغني المصطافون والسياح في الكثير من الأحيان عن هذا التقليد الذي رافق جلسات سمرهم على ضفاف البحر. ويأتي الفول السوداني واللوز والجوز والفستق في مقدمة المكسرات المحمصة والمملحة التي تنتشر في كل صائفة بشكل واسع على الشواطئ الجزائرية وفي الأعراس والسهرات الصيفية. وحذّر رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، من الإقبال على المكسرات المحمصة والبذور المملحة التي تباع في ظروف غير صحية، وقال إن المشكلة المتعلقة بهذه المواد الغذائية ليست فقط كونها منتهية الصلاحية في احيان كثيرة، بل إنّ الخطر يكمن حسبه في ظروف تخزينها، كونها مواد تحتاج لوضعها في مكان جاف وبعيدا عن الرطوبة والشمس. وأكد زبدي أن أغلب المكسرات التي تباع من طرف الباعة المتجولين أو أصحاب الطاولات لا تحفظ بشكل جيد، مما يجعلها تحوي فطريات سامة. ويعتبر الفول السوداني من بين أكثر المكسرات التي تتعرض لهذه الفطريات، حسب ما أكّده زبدي الذي دعا المستهلك الجزائري إلى أن يتذوق المكسرات والبذور ويتأكد من طعمها، حيث يمكن أن يكتشف عدم صلاحيتها إذا كانت تميل لليونة وتحوي بقعا بنية. وأوضح المتحدث أن هناك نقاط بيع للمكسرات والبذور المحمصة والمملحة، تلتزم بشروط التخزين.
فوائد غذائية.. لكن بحذر ومن جهتها، أكدت المختصة في التغذية والحمية بمستشفى لمين دباغين "مايو"، سهيلة طفياني، أن بعض الباعة يقومون بتحميص مكسرات انتهت صلاحية أكلها، كما أن هذه المكسرات تحوي دهونا غير مشبعة تتأكسد بسرعة عندما تتعرض للحرارة أو الضوء أو الهواء. وأوضحت طفياني أن حرارة التحميص العالية تؤثر على القيمة الصحية للمكسرات، وقد تتسبب في سرطانات، كما أن الإفراط في أكلها يسبب السمنة والحساسية.
محلات تنافس على تجارة المكسرات والبذور وفي هذا السياق، فإن لجوء الكثير من الشباب الجزائري في الآونة الأخيرة إلى فتح محلات أشبه بمقاه صغيرة، لبيع المكسرات وبعض الخلطات المصنوعة بها، ومشروب الشاي، في المدن الساحلية، جعل زبائن هذه المحلات، يقصدونها لأخذ قسط من الراحة داخلها، مع تذوق المكسرات والحلويات وارتشاف الشاي.. فبعد المقاهي، نافست هذه المحلات "الطاكسيفون" و"الفاست فود"، من حيث انتشارها واستقطاب الزبائن. أغلب هؤلاء التجار قدموا من ولايات صحراوية كتمنراست وورقلة وتيميمون واليزي، حيث جعلوا من هذه التجارة فرصة للربح واستقطبوا زبائنهم بإعطاء محلاتهم لمسة جمالية تقليدية تمنحها أجواء الخيمة. وحسب جولة استطلاعية، تبين جليا، أن الكثير من الجزائريين الذين لم يتعودوا على تذوق المكسرات بمختلف أنواعها كالفول السوداني، الفستق، الجوز، البندق، الكاجو وغيرها، وجدوا في هذه المحلات فرصة لذلك مع ارتشاف فنجان شاي أو كوب "فلان"، أو صحن "محلبي". وساهمت هذه التجارة في الابتعاد عن المقاهي والإفراط في شرب القهوة.
علم الاجتماع: محلات بديكور تقليدي.. تجارة توهمك ان المنتوج أصلي وقال في هذا الصدد، يوسف حنطابلي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، إن محلات بيع المكسرات المحمصة ومشروب الشاي، هي تجارة ذكية تعود بنا إلى ما هو أصيل، بعيدا عن التجارة العصرية، وهو ما جعلها تستقطب الكثير من الزبائن. وأوضح حنطابلي، أن الجديد دائما مرغوب فيه، وان مظاهر الأصالة والتقليد توحي على أن المنتوج أصلي، وما يزيد من هذه الصورة التقليدية، الذين يبيعون من منطقة الصحراء، مشيرا إلى أن مشروب الشاي يكون مرغوبا فيه أكثر من شاي المقاهي، لأن هذه الأخيرة تحمل رمزية العصرنة والحداثة، كون أول مقهى عرفها العرب كانت في القاهرة. أكد الأستاذ يوسف حنطابلي، أن ضغوطات الحياة وطغيان كل ما هو عصري، جعل الجزائريين يهربون إلى فضاءات التسوق في إطار الثقافة المحلية التقليدية، محذرا من استغلال التجار للجانب الوجداني قصد تسويق ما هو مضر بالصحة.