غزت طاولات الأدوات المدرسية الأسواق الفوضوية، فحيثما ولّيت وجهك تقابلك عروض مختلفة ومتنوعة لأدوات بأشكال مغرية، محافظ ثلاثية الأبعاد، عجينة بعطور مختلفة بشكل عتاد مطبخ، مواد تجميل، رضاعات، وأولياء تائهون رفقة أبنائهم، بعضهم يبحث عن الأسعار المنخفضة على حساب الجودة، وموظفون وجدوا في ماركات المراكز التجارية وتخفيضاتها الحل الأفضل كي تدوم لسنوات. لا حديث في الأسواق هذه الأيام ولا داخل العائلات سوى على الأدوات المدرسية، فهي شغلهم الشاغل خصوصا أمام الزيادات الأخيرة في الأسعار، ولم تسلم منها حتى الأسواق الفوضوية أو كما يسمونها "أسواق الزوالية"، ليمسها هي الأخرى وباء اسمه "الغلاء". ونحن نتجول في ساحة الشهداء، شاهدنا تزاحما كبيرا على طاولة لبيع المحافظ المدرسية، أنواع مختلفة معروضة والجميع يقلب بحثا عن ضالته، قسم خاص بالكبار في الطورين المتوسط والثانوي وأخرى بالطور الابتدائي، بعضها بعجلات أو بدونها، وهناك محافظ ثلاثية الأبعاد "3 دي" مكونة من ثلاث قطع محفظة وعلبة لمجة ومقلمة بسعر 3500 دج، أما العادية والموجهة للتحضيري والسنة الأولى والثانية فتتراوح أسعارها ما بين 1000 و1400 دج . إحدى الأمهات كانت تقلب المحافظ رفقة ابنتها الصغرى والتي رغبت في محفظة تحمل صورة "فروزن" ملكة الثلج، أكدت لنا رداءة هذه النوعية، فهي لن تصمد طويلا، لتجد نفسها مرة أخرى مجبرة على شراء محفظة ثانية في منتصف السنة الدراسية، أما بالنسبة لأبنائها المتمدرسين في المتوسط والثانوي ونظرا لكثرة الكتب وثقل الكراريس فمحافظهم تتمزق بسرعة لتجد نفسها مرغمة على شراء محفظة لكل فصل دراسي.
أسعار المحافظ "نار" ومراهقات يشترين أصنافا غير مدرسية شهدت المحافظ المخصصة للكبار زيادات في الأسعار مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لا يقل سعر الواحدة في السوق عن 1700 دج، وهناك أنواع تتجاوز 2800 دج. وما شد انتباهنا إقبال الفتيات المراهقات على شراء محافظ الظهر صغيرة الحجم مصنوعة بقماش من ورود وأشكال ومع أنها غير مخصصة للدراسة، زيادة لنوعيتها الرديئة وهي عرضة للبلل والتلف مع أول قطرة من أمطار الخريف، لكن انخفاض أسعارها 1000 دج كان هو المبرر الوحيد. وجهتنا التالية كانت طاولة المقلمات، مختلف الفرق والأندية الأوروبية وبلدان العالم مطبوعة عليها، ازدحام شديد وكأنه درع بشري يحيط بها يمنعك حتى من الاقتراب، فجل المراهقين هنا يبحثون عن نادي أحلامهم بسعر 100 دج وبجانبهم الأطفال الصغار يقبلون عن شخصياتهم الكرتونية المحببة، وإن كانت أسعار هذه الأخيرة 400 دج، أي أغلى مقارنة بالأولى.
تلاميذ الثانوي يجوبون الأسواق بحثا عن مآزر تناسب حجمهم تعتبر المآزر جزءا هاما في خضم الاستعدادات المدرسية، وتختلف أسعارها باختلاف الجنس ذكر أو أنثى، بالأكمام أو بدونها، لكنها عموما تتراوح ما بين 800 و1200 دج، غير أن الإشكالية التي يواجهها الأولياء في كل سنة بالنسبة للجنسين هي صعوبة العثور على مآزر تناسب أبناءهم في الثانوي، فجميع المقاسات تنتهي في 18 سنة. تقول إحدى السيدات يئست في إيجاد مئزر لابنها تلميذ القسم النهائي: هذه المشكلة تتكرر كل عام، فمنذ أصبحت المآزر زرقاء صار من الصعب العثور على المقاييس الكبيرة، ابني يتمتع بالصحة وطويل القامة، يستحيل أن يلبس مئزر 18 سنة، تضيف ربما الخياطة هي الحل الوحيد أمامي. وأكد لنا البائع أن غالبية تلاميذ الثانوي من ذكور وإناث جلهم يعاني من البدانة ولا يجدون ما يناسبهم، لأن المآزر الموجودة في السوق حاليا مخصصة للأحجام الصغيرة فقط، فتلميذ 14 سنة يلبس مئزر 18 سنة وهكذا دواليك.
أقلام صواريخ وأدوات مطبخ وتجميل يحبها الأطفال ويمنعها المعلمون تعرض الطاولات مختلف الأدوات المدرسية: ممحاة، أقلام التلوين، عجينة، يضعف الأطفال الصغار لتتعالى صرخاتهم وتجد دموعهم طريقها على خدهم، بعدما اتخذت الأدوات شكل سيارات، مواد تجميل، أدوات مطبخ، دمى وألعاب، أقلام جافة تشبه الصواريخ، حتى الأغلفة لم تعد بلون موحد، بل باتت عليها رسوم متحركة لأميرات وتوم وجيري براقة بسعر 20 دج، غير أن الأولياء ظلوا يرفضون شراءها. اقتربنا من إحدى الأمهات والتي كانت رفقة أطفالها الثلاثة، كل منهم كان يحاول إقناعها بطريقته، لكنها كانت ترد بالرفض لتبرر لنا ذلك قائلة: لا أريد أن أشتري لها هذه العجينة والتي فيها أداة لفردها تشبه "الحلال" الذي نستعمله في المطبخ والطوابع، وهذا يريد مسطرة فيها ما يشبه الماء لو وضعها في فمه وانكسرت وشربه أكيد سيموت، ومبراة على شكل سيارة ليلعب بها داخل القسم، أما الأخرى فتريد علبة الألوان تلك التي تشبه الماكياج، هذه الأدوات تفتعل المشاكل في الأقسام، لذا يمنعها المعلمون ويطلبون منهم عدم جلبها، لأجد نفسي مضطرة لشراء أدوات أخرى عادية حتى لا يتسممون أو أستدعى من قبل معلميهم.
أولياء يشترون "كميات" من الكراريس ما أثار حيرتنا هو خلال جولتنا إقدام الأولياء على شراء الكراريس بأعداد كبيرة جدا وبدون قوائم، بعضهم كان يشتري "كرتونة" كاملة، وحجتهم في ذلك أن السنة الدراسية طويلة وسيحتاجها أبناءهم وعندها لن يجدوها بمثل هذه الأسعار. ف6 كراريس من حجم 96 صفحة بسعر 200 دج، و5 كراريس 120 صفحة بسعر 200 دج، وكراس 288 صفحة وهو الأكثر طلبا في الثانوي بسعر 120 دج.
بسطاء وموظفون يزاحمون الأثرياء في المراكز التجارية بحثا عن الجودة بعيدا عن زحام ساحة الشهداء وصرخات تجارها.. فضلنا أن تكون وجهتنا التالية المراكز التجارية، "كارفور" أعلن عن تخفيضات كبيرة في أسعار الأدوات المدرسية وستستمر لغاية 9 سبتمبر القادم، وفي كل عملية شراء يفوق ثمنها 1500 دج سيتبرع بقيمة 50 دج لقرية الطفولة المسعفة sos درارية. من خلال جولتنا لاحظنا أن غالبية المعروضات هي لعلامات تجارية عالمية رائدة في مجال الأدوات المدرسية مثل "تكنو" و"فيرتاكس" وهو ما يزيد الإقبال عليها. ويبلغ سعر محفظة "فيرتاكس" 6900 دج خاصة بتلاميذ المتوسط والثانوي و2990 ثمن حقيبة "تكنو"، أما المحفظة بالعجلات للابتدائي تتراوح ما بين 1250 و3200 دج وحتى 8900 دج، في حين أسعار حقائب ظهر الأطفال العادية ما بين 890 و999 دج. ولأن حمل "اللمجة" في حقائب خاصة بها صار عادة مستشرية بين تلاميذ المدارس، أصبحت تعرض حقائبها أيضا بأشكال مختلفة بسعر 990 دج. ومما لا يستغنى عنه المقلمات وأسعارها تراوحت ما بين 230 و390 دج برسومات مختلفة منها نادي برشلونة و"فروزن" ملكة الثلج و"باترول". ولأن بعض الأولياء يقتنون حسب الماركات فوجدوا في ثمن باقة المساطر ب159 دج، ألوان مائية 220 دج، مدور 240 دج، سجل "ريجيستر" 199 دج، وجميعها من علامة "فيرتاكس" إنها مناسبة جدا. فيما صب الأطفال اهتمامهم على الأقلام الملونة بعلاماتها المختلفة، وقد شمل العرض علبة أكسفورد من 12 لونا بسعر 299 دج، "سيفو" 220 دج، مقص "مابد" ب110 دج، ناهيك عن "الباك" والذي يختلف حسب محتواه من علبة ألوان مع قلمين جافين ب220 دج، أو مجموعة قلم جاف ب90 دج، اللوحة سحرية وقلمها الخاص ب330 دج. وغاب الاختيار في الكراريس، حيث اقتصر الأمر على كراريس الأعمال التطبيقية 64 صفحة بسعر 60 دج حجم صغير، والكبير ب85 دج، أما كراس 64 صفحة 28 دج. ولا يمكن للمتجول بين الأدوات المرور دون إلقاء نظرة على المآزر بأشكالها المختلفة وقد تراوحت أسعارها ما بين 1200 دج و1590 دج، فيما كان الطلب كبيرا جدا على مآزر البنات "اثنين في واحد" تركب أيديها شتاء وتنزع صيفا وسعرها 1690 دج. ولمسنا الإقبال الكبير للمواطنين من جميع الفئات محدودي الدخل والبسطاء على المراكز التجارية للاستفادة من العروض الخاصة والهدايا التي تقدمها، وتحظى مبيعاتهم بثقة الزبائن، لأنها تعرض "ماركات" أصلية وذات جودة، وشعارهم أنها تدوم لفترة طويلة، فحتى بعض محدودي الدخل يعتبرون شراء محفظة من ماركة شهيرة تعمر لأبنائهم لسنة أو أكثر أفضل بكثير من شراء محفظة رخيصة الثمن لا تدوم شهرا كاملا.