تتعهد الحكومة بمواصلة إنجاز 1.6 مليون وحدة سكنية إلى نهاية سنة 2019 وفق مختلف الصيغ، مع البحث عن مصادر تمويل جديدة لاستكمال المشاريع العالقة، وتفادي الاستدانة الخارجية. ويأتي ذلك وسط مؤشرات مالية صعبة، حيث تعترف وثيقة مخطط عمل الحكومة التي تحصلت "الشروق" على نسخة عنها، بنفاد ما بقي من أموال في صندوق ضبط الإيرادات شهر فيفري الماضي وتبقي فقط 105 مليار دولار باحتياطي الصرف، في حين يركز المخطط في الشق الاجتماعي، على استمرار سياسة الدعم للفئات الهشة وتشديد العقوبات على مختطفي الأطفال وحماية الأئمة ومجابهة الملل والطوائف الغريبة، مع اعتماد العربية في التخصصات التكنولوجية وتوسيع تعليم الأمازيغية بالولايات. ويقوم مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الصادر عن مكتب الوزير الأول أحمد أويحيى شهر سبتمبر الجاري، والملخص عبر 44 صفحة و5 أقسام، على ما يتضمنه الدستور المراجع سنة 2016، وبرنامج الرئيس لسنة 2014 ومخطط النموذج الاقتصادي الجديد المصادق عليه شهر جويلية 2016، ويرتكز على "تعزيز استقرار البلاد وترسيخ ديمقراطية هادئة وتعزيز روابط التضامن الاجتماعي من خلال تسوية العجز في المساكن، وحماية الفئات الاجتماعية الضعيفة، وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية والتقاعد ومواصلة سياسة التضامن الوطني".
أزمة البترول ستستمر وسنة 2017 ستنتهي بأرقام خطيرة! ووفقا للوثيقة التي تحصلت عليها "الشروق"، فإن المؤشرات المتواجدة على طاولة الحكومة تؤكد أن أزمة البترول ستستمر وأسعار النفط لن تتحسن على المديين القصير والمتوسط، حيث تسجل الجزائر عجزا تجاريا بلغ 20 مليار دولار وعجزا في الميزانية يساوي 26 مليار دولار سنة 2016، مقابل تبقي فقط 105 مليار دولار في احتياطي الصرف شهر جويلية 2017، واستهلاك مجمل ادخار الخزينة الذي كان يحتضنه صندوق ضبط الإيرادات الذي استنفد شهر فيفري 2017، وتلجأ الخزينة وفقا لذات الوثيقة لقرض وطني ومدفوعات استثنائية للأرباح من قبل بنك الجزائر وقرض خارجي لدى البنك الإفريقي للتنمية يعادل 100 مليار دينار، ومع ذلك تبقى الوضعية المالية متوترة بشدة، حيث ستختتم سنة 2017 بصعوبات حقيقية في حين ستكون سنة 2018 الأكثر تعقيدا.
الاستدانة الخارجية واللجوء إلى "الأفامي" خط أحمر ووفقا لما تضمنه نص المخطط، فإن الشعب غير مستعد لتكرار تجربة الثمانينات، بفعل التقلبات التي تشهدها السوق البترولية، ووجه رئيس الجمهورية تعليمات صارمة، للقيام بكل شيء لضمان تخطي الأزمة المالية من دون ضرر، لاستعادة توازن الخزينة العمومية على المدى المتوسط، هذا إضافة إلى تجنيب الجزائريين خطر الاستدانة الخارجية عبر البحث عن موارد تمويل داخلية غير تقليدية، تضمن الإنفاق العمومي وإصلاح التسيير وتوزيع عادل للتحويلات الاجتماعية لفائدة السكان واستعادة توازن ميزانية الدولة على المدى المتوسط. كما أوصى الرئيس بتحسين التحصيل الجبائي ووضع الجباية المحلية وتسيير متعدد السنوات لميزانية الدولة، مشددا على أن مراجعة قانون القرض والنقد سيمكن من إقراض الخزينة عبر بنك الجزائر ل5 سنوات، وهو ما سيسمح باستبعاد خطر انزلاق تضخمي، مع مواصلة ترشيد النفقات. ويرتكز مخطط عمل الحكومة أيضا على الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها، وتعزيز الديمقراطية التعددية والحفاظ على ديناميكية النمو وتنويع الصادرات وتدعيم أشواط التقدم المحققة في مجال التنمية البشرية والحفاظ على قدرة الدفاع الوطني والوفاء لمبادئ الجزائر الدبلوماسية، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال مكافحة مستمرة للإرهاب وتجنيد يقظة السكان ومواصلة المصالحة الوطنية والحفاظ على اليقظة على الحدود والمحاربة الصارمة للاتجار بالمخدرات وقمع تبييض وتهريب الأموال.
تأمين المساجد وتحريك الدعوى العمومية ضد جماعات الإجرام ويتضمن مخطط عمل الحكومة، حماية أماكن العبادة، بحكم أن الشعب لن يرضى باستغلال الإسلام لضرب الأمن والاستقرار، مشددا على أنه توجد أحكام تشريعية للتصدي لأي انحراف في هذا الإطار، كما ستسهر الحكومة على حماية المساجد والأئمة بقوة القانون، من أي محاولة لزرع البلبلة في صفوفها، من طرف طوائف وملل دينية غريبة عن تقاليدنا الإسلامية الثرية، إضافة إلى الحفاظ على أمن المواطنين والقضاء على العنف الفردي والجماعي والإجرام، ليس فقط عبر الدرك والأمن الوطنيين، وإنما عبر تحريك الدعوى العمومية على مستوى المحاكم. ويتضمن برنامج عمل الحكومة مخططا لمكافحة اختطاف الأشخاص، لاسيما الأطفال، عبر تطبيق أحكام جزائية أشد.
تدعيم هيئة مراقبة الانتخابات وتكريس الحوار مع الشركاء الاجتماعيين ووفقا للبرنامج أيضا سيتم تكريس التعددية عبر اعتماد عشرات الأحزاب وآلاف الجمعيات، وأكثر من ذلك ستكون الحكومة على أهبة الاستعداد للحوار مع الأحزاب السياسية في المسائل التي تهم المواطنين، مع تشجيع حياة سياسية وجمعوية نشطة، مقابل احترام التشريع الذي ينظم المظاهرات في الطريق العام، وستوفر كل الشروط لتنظيم انتخابات المجالس الشعبية والبلدية الولائية شهر نوفمبر في كنف الهدوء والشفافية، عبر تدعيم الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات بكل الوسائل اللازمة للقيام بمهمتها الدستورية. كما يتضمن مخطط الحكومة فتح باب الحوار مع كافة الشركاء الاجتماعيين في إطار العقد الاقتصادي والاجتماعي، وتدعيم الوحدة الوطنية، من خلال تكريس الإسلام كدين دولة عبر بناء المساجد وتزويد المجلس الإسلامي الأعلى بالإمكانات وتمكينه بالمساهمة في التوجيه الديني طبقا لصلاحياته الدستورية، وتدعيم نشاط الزوايا واحترام الدستور في ممارسة الديانات السماوية الأخرى، وفق ما ينص عليه الدستور، مع تعزيز مكانة اللغة العربية كلغة رسمية وتعميم استعمالها على مستوى التخصصات التكنولوجية وكذا تشجيع الترجمة في هذا المجال من خلال مرافقة المجلس الأعلى للغة العربية بكافة الإمكانات، وكذا ترقية "تمزيغت" وهي لغة وطنية رسمية، عبر توسيع تعليمها بولايات الوطن وتدعيم المحافظة السامية للأمازيغية وتقديم مشروع قانون عضوي للبرلمان بغية تحديد كيفيات إقامة وسير الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية التي تأسست بموجب الدستور، كما ستعمل الحكومة على تعزيز أواصر العلاقة بين الجزائر ومواطنيها في الخارج، وحماية الجالية في بلدان إقامتهم وفق ما تمليه الاتفاقيات الدولية، وفتح فروع للبنوك الجزائرية في الخارج.
خلية بكل وزارة للتنسيق مع البرلمانيين.. وربط علاقات مع الولاة ويتضمن مخطط الحكومة مراجعة القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية لتكييفه مع الدستور، وتكثيف التعاون بين الحكومة والبرلمان بإلزام أعضائها بالرد على الأسئلة الشفهية والكتابية والرد على الاستدعاءات، ودراسة جدول الأعمال المقترح من المعارضة البرلمانية، وتنظيم خلايا على مستوى كل وزارة وكذا الوزارة الأولى مختصة بالعلاقات مع البرلمانيين، وإصدار تعليمات للولاة والولاة المنتدبين لتوطيد علاقة دائمة مع البرلمانيين.
تفعيل صندوق دعم الصحافة المكتوبة قريبا وأولى برنامج الحكومة أهمية أيضا لتدعيم حرية الصحافة عبر الوسائل المسموعة والمكتوبة وشبكات التواصل الاجتماعي في إطار القانون، وتزويد سلطة ضبط السمعي البصري بالوسائل اللازمة للقيام بمهامها، وتنصيب سلطة الصحافة المكتوبة من دون أي تأخير وإعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة المكتوبة في شفافية تامة وفي إطار دفتر أعباء الخدمة العمومية. وفي مجال السكن، سيتم استكمال إنجاز 1.6 مليون سكن بنهاية سنة 2019، وفق مختلف الصيغ، إيجارية ريفية ترقوية أو عن الطريق البيع بالإيجار، عبر البحث عن منتوجات بنكية منوعة لتمويل العملية والبحث عن تمويلات جديدة، واستغلال نظم بناء جديدة لتقليص المصاريف، مع رفع نسبة التزويد بمياه الشرب إلى 99 بالمائة.