في مدة لم تتجاوز الثلاثة أشهر، تعود الحكومة إلى البرلمان بمخطط عمل جديد سيعرضه الوزير الأول أحمد أويحيى مطلع الأسبوع المقبل، فكيف سيكون موقف نواب الشعب الذين كانوا قد صوتوا للمخطط السابق الذي تضمن فروقات جوهرية عن المخطط الجديد. وكان البرلمان بغرفتيه قد صوّت على مخطط عمل الحكومة السابق، الذي قدمه الوزير الأول المقال، عبد المجيد تبون، والذي تضمن كما هو معلوم محاور خلفت جدلا كبيرا هذه الصائفة، كان أهمها المحور المتعلق بفصل المال عن السياسة. غير أن مخطط عمل الحكومة الجديدة يختلف عن سابقه في الكثير من المنطلقات وإن اتفقا في الغايات وهي مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، ولعل أولها هو ما تعلق بتخصيص امتيازات جديدة لرجال الأعمال، الذين كان لهم نصيب من "الحساب العسير" من قبل خليفة عبد المالك سلال، تجلى من خلال الإعذارات التي وجهت لبعض المؤسسات الخاصة التي لم تحترم دفاتر شروط الإنجاز، حسب مبررات الحكومة السابقة. كما اختفى من مخطط عمل حكومة أويحيى الجديدة كل ما تعلق برخص الاستيراد التي أقرها مخطط عمل حكومة تبون، وهو القرار الذي بدأ التراجع عنه حتى قبل إبعاد الوزير الأول السابق من منصبه، أما ماعدا ذلك، فتبقى فروقات تقنية تفرضها خلفية وتوجهات تبون وأويحيى. وإن كان مخطط عمل الحكومة منسوبا لبرنامج الرئيس، إلا أن أعضاء المجلس الشعبي الوطني وبصورة أدق نواب الموالاة، سيجدون أنفسهم أمام حرج كبير، هل سيصوتون بعد ثلاثة أشهر على مخطط آخر أسقط بنودا كانوا قد تبنوها؟ تؤكد المادة 95 من الدستور على أن عدم تبني البرلمان لمخطط عمل الحكومة يعني تقديم الوزير الأول استقالته لرئاسة الجمهورية، ويمكن للرئاسة في هذه الحالة تكليف شخص آخر بإدارة الوزارة الأولى مع قيامه بعرض مخطط عمله على البرلمان مجددا، وفي حال رفض البرلمان مخطط عمل الحكومة للمرة الثانية، ينحل البرلمان وجوبا. فماذا سيكون موقف نواب الشعب الأسبوع المقبل؟ ليست المرة الأولى التي يصوت فيها نواب الشعب ضد مواقف سبق لهم وأن تبنوها (ليس نواب العهدة الحالية التي انقضى من عمرها نحو أربعة اشهر)، فقد شهد مبنى زيغود يوسف انعطافا مثيرا لنواب الأغلبية، على غرار ما حدث في المادة المتعلقة باستيراد السيارات المستعملة لأقل من ثلاث سنوات في قانون المالية التكميلي لسنة 2009، لمجرد أن الحكومة قررت حظر استيراد السيارات المستعملة، بالرغم من أنهم كانوا قد أدرجوا مادة في قانون المالية للسنة ذاتها تسمح باستيراد ذلك الصنف من السيارات. لا يتوقع أي من المراقبين للنشاط البرلماني أن يقف نواب العهدة التشريعية الحالية، ضد مخطط عمل حكومة أويحيى، وسينجح الرجل الأول في التجمع الوطني الديمقراطي، في تمرير مشروعه في سهولة ويسر مثلما هو معهود، أما نواب الأغلبية فيجدون أكثر من مسوغ لتبرير ما سيقدمون عليه، بحجة أن مخطط عمل حكومة أويحيى مستوحى من برنامج رئيس الجمهورية.