تسببت الإجراءات الجديدة التي قررت الحكومة تبنيها لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ سنوات، في إثارة حالة من الرعب والفزع في نفوس المواطنين بعدما تأكدوا من أن أموالهم قد فقدت جزءا من قيمتها في السوق العالمية، لذا لابد من تحويلها إلى الأورو أو اكتنازها ذهبا تحسبا للأيام السوداء التي تنتظرهم. لم تتمكن التطمينات والخطابات السياسية التي أرسلتها الحكومة مؤخرا، من تهدئة المواطنين الذين يفاجؤون كل يوم بأحاديث عن انهيار جديد في أسعار العملة المحلية واتباع إجراءات في خضم الأزمة زادت من مخاوفهم ورعبهم بدلا من تبديدها، وهو ما يمكن استشعاره من خلال جولة قصيرة إلى السوق السوداء للعملة "السكوار"، فالجميع يبحث عن "الأورو" الذي بات العملة الأكثر طلبا والنادر العثور عليها، فيما فضل آخرون التوجه إلى محلات بيع المجوهرات لاقتناء ما خبؤوه من أموال في البنوك قطعا من الذهب تحسبا للغلاء والزيادات المرتقبة. وأدى الطلب المتزايد على "الأورو" إلى ندرة العملة حيث بات من الصعب العثور عليها في "السكوار"، حيث يقترب سعر 100 أورو من مليوني سنتيم، فلابد من العثور على واسطة حتى تتحصل على المبلغ المرغوب فيه وكذا بالنسبة إلى أسعار الذهب التي قفزت من 6500 دج للغرام للذهب المحلي إلى 8000 دج للغرام للذهب المستورد. وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور كمال رزيق، ما يقدم عليه المواطنون اليوم من إجراءات لحماية أموالهم أمرا طبيعيا ومشروعا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فالدينار انهار كليا والسبب ليس ناجما عن ظروف اقتصادية بل بموجب قرارات إدارية، فالبنك المركزي منذ فترة قرر تخفيض قيمة الدينار ليفاجأ المواطنون الذين يملكون أموالا في البنك بفقدان أموالهم قرابة 20 بالمائة من قيمتها لتعود الحكومة وتقرر طبع المزيد من الأموال مما يزيد التضخم. واستطرد المختص: الاقتصاد المحلي أصبح هشا وكل الإجراءات المتبعة حاليا تزيد من نسبة التضخم، فمن حق المواطن الاستثمار في الأورو للحفاظ على القدرة الشرائية فالحكومة هي التي دفعته إلى ذلك، واعتبر محدثنا هذا الإجراء ليس بالجديد فقد كان في السابق حكرا ولسنوات عديدة على الأثرياء الذين يحولون أموالهم إلى العملة الصعبة ويهربونها إلى بنوك أجنبية، أما الآن فقد وصلت هذه الثقافة حتى إلى المواطن البسيط وعمت جميع شرائح المجتمع وكل القطر الوطني وبالرغم من إيجابية هذا الإجراء على المواطن لكنه يعود بنتائج سلبية على الاقتصاد وسيزيد من انهياره.