في خطوة تشكّل تحدّيا صارخا للسلطات والقوانين التجارية، أنشأ متعاملون في السوق السوداء للعملة الصعبة بالجزائر موقعا إلكترونيا وصفحات فايسبوكية تعرض أسعار البيع والشراء للزبائن من أجل فكّ الحصار الأمني المفروض عليهم منذ أيام في (السكوار) ومواصلة أعمالهم (غير المشروعة) إلكترونيا. لم يجد (تجار) العملة الصعبة الذين اعتادوا أن ينشطوا في السوق الموازية ب (السكوار) حلا لفك الحصار المفروض عليهم منذ ثلاثة أيام إلا أن يفتحوا موقعا إلكترونيا وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي ك (الفايس بوك) من أجل مواصلة نشاطهم (إلكترونيا) لتفادي الاعتقال ومصادرة أموالهم رغم أنهم يعتقدون أن الأمر يتعلق ب (حملة مؤقتة) إلى حين عودة المياه إلى مجاريها. وتعرض هذه السوق الالكترونية الجديدة أسعار صرف ثلاث عملات رئيسية هي الأورو والدولار والجنيه الإسترليني بأسعار الصرف غير الرسمية التي ترتفع كثيرا عن سعر الصرف المعتمد في البنوك. وحسب ما وقفت عليه (أخبار اليوم) فإن الدولار مثلا يُباع في السوق السوداء ب 140 دينار مقابل 96 دينارا بالسعر الرسمي، بينما يُعرض الأورو ب 159 دينار للبيع في حين لا يتجاوز سعره 109 دينار في البنوك المعتمدة، أما الجنيه الإسترليني فيصل سعره إلى 210 دينار في حين سعره الرسمي يقدر ب 146 دينار. ويقبل الزبائن بقوة في الجزائر على السوق السوداء لتأمين حاجياتهم من العملة الصعبة نظرا لعدم وجود البديل في السوق الرسمية التي تضع قيودا صارمة على شراء العملة الصعبة مقابل الدينار. ورغم منع القوانين الرسمية لأي تعامل خارج البنوك الرسمية، إلا أن السلطات تغضّ الطرف على محاربة هذه التجارة بسبب عدم وجود بديل أمام المواطنين. ويحدد البنك المركزي الجزائري سقف 15 ألف دينار للصرف لكل مواطن يرغب في السفر مرة واحدة في السنة، ويمكّن هذا المبلغ من شراء 130 دولار فقط، وهو مبلغ لم يُراجع منذ أكثر من 10 سنوات. وسمح هذا الواقع بتضخم سوق العملة غير الرسمية في الجزائر، وبظهور مواقع أصبحت مع مرور الوقت شهيرة في العاصمة، على غرار (السكوار)، يمارس فيها شباب هذا النوع من التجارة على قارعة الطريق. خلفيات خنق (السكوار) تفاجأ (تجار) العملة الصعبة بسوق (السكوار) بحر الأسبوع الجاري بقوات الأمن الوطني وهي تباشر عمليات التوقيف، لتؤكد على إطلاق الحكومة عملية لتطهير السوق الوطنية من هذه الممارسات غير القانونية، لا سيما وأن النشاط الموازي لبيع العملة الصعبة استمر لعدة سنوات على مرأى من السلطات العمومية على الرغم من سعي الحكومة لوضع برنامج للقضاء على التجارة الموازية. وتؤكد هذه العملية على مساعي السلطات لتطبيق توجيهات الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أشار مؤخرا إلى تداول ما معدله 3700 مليار دينار في القنوات غير الرسمية، وهي الكتلة النقدية التي تفوق ضعف الأموال المتداولة بصفة قانونية، حيث أن الأزمة المالية التي تفرضها معطيات انهيار أسعار المحروقات في السوق العالمية، أدت إلى (إعلان) حكومة سلال (الحرب) على التجار الفوضويين للعملة الصعبة، بصرف النظر عمن يقف وراءهم، على اعتبار أن الحكومات المتعاقبة عجزت عن مواجهة هذه الظاهرة على الرغم من أن الخبراء شددوا مرارا وتكرارا على خطورتها على الاقتصاد الوطني. الحل بعيون الخبراء حاول البنك المركزي الجزائري مواجهة ظاهرة السوق السوداء للعملة بسَنّ قانون لإنشاء مكاتب صرف خارج البنوك، إلا أن تجار العملة لم يتحمسوا لهذه الخطوة بسبب رفضهم لهامش الربح المقترح. وفي السياق، يقول مراقبون وخبراء إن السلطات الجزائرية مطالبة بفتح ملف تعاملات السوق السوداء للعملة بعد أن فرضت نفسها وأصبحت أمرا واقعا على المواطنين. حيث أن معضلة تجارة العملة ترتبط أساسا بملف قيمة الدينار الجزائري وقيمته الداخلية والخارجية ومستوى ثقة المواطنين بالاقتصاد الوطني، ما يعني أن الحل يوجد في الاقتصاد أكثر منه في القوانين أو الردع.