رياح اللعب والتلاعب التي تجتاح قوائم المترشحين للانتخابات المحلية، حسب ما تكشف عنه احتجاجات "المتضررين"، تبيّن أن الصراع الدائر رحاه على "طابوريات" المجالس البلدية والولائية، له علاقة مباشرة بغنائم لا يُمكن التصديق بأنها تخصّ فقط وحصريا الأجرة والحصانة والمكتب الذي توضع فوقه يافطة "رئيس المجلس الشعبي البلدي" أو الولائي! التنابز بالألقاب والنيران الصديقة والضرب تحت الحزام و"كشف البازقة"، هي المؤشرات التي تعطي الانطباع بأن ما يجري ما هو في الحقيقة سوى الشجرة التي تغطي الغابة، ومجرّد الذائب من جبل الجليد، وإلاّ هل يُعقل عمليات الرشق و"الحرق" التي تحدث على المستوى المحلي بسبب الترشيحات؟ الأحزاب أصبحت متعوّدة على التعارك ب"كلاب الدوبرمان" والعصيّ والهراوات وزجاجات "المولوتوف"، وهذا أخطر ما في الموضوع، لأن رفض تصرفات الآخر بالعنف، يكاد يتحوّل إلى "نضال" لا يهمّ فيه "هبال" هؤلاء وأولئك، ولا حتى سقوط ضحايا! للأسف، اختلط الحابل بالنابل، وأصبحت الحرب على رؤوس القوائم والترشحيات لرئاسة وعضوية المجالس المخلية، مفتوحة على كلّ الاحتمالات والسيناريوهات، بما فيها الأسوأ، ولم يعد مهما أن يُنزل الطبيب مثلا مستواه ليتشاجر مع "الأمّي"، مثلما لم يعد الأخير يحترم الأول ويستحي من علمه وأبحاثه، طالما أن "الهوشة" لها علاقة بالمصلحة المفروشة! غنيمة البلديات والولايات هي التي تثير شهية المتحاربين وتسيل لعاب الانتهازيين والغمّاسين و"الخمّاسين" والطمّاعين، وغيرهم من الذين يُريدون ولوج المجالس المنتخبة ولو من باب "الاكتشاف" والفضول، ولعل الكثير من التجارب السابقة واللاحقة، والشهادات والاعترافات، تضيء الجزء المظلم من الغرفة، وتكشف حقيقة الانحرافات والصراعات التي أفرزتها قوائم الترشيحات! صحيح أن معترك المحليات يقتضي التنافس والتبارز وحتى التنابز و"الهفّ"، لكن عندما يخرج كل هذا عن إطاره الأخلاقي، ويفقد المتنافسون "شرف الخصومة"، لا يُمكن بعدها ل"بقايا" الناخبين عن عدم الاكتراث بالاقتراع، والتنازل طوعا عن حقهم وواجبهم في اختيار ممثليهم! تورّط نواب وأميار ومنتخبين في التمثيل و"التمهبيل" على المواطنين، بدل تمثيلهم والدفاع عنهم، هو الذي حرّض ويحرّض الأغلبية المسحوقة على عدم الاهتمام وعدم الانشغال بحرب داحس والغبراء بين "كائنات" قادمة من الفضاء تحاول الفوز بمكان في البلدية أو الولاية، بحثا عن مخارج النجدة، إمّا للثراء أو حماية المصالح أو الإفلات من السجن!