حين يتوجه ملايين الناخبين الجزائريين اليوم إلى مكاتب التصويت لاختيار 462 نائب، من بين 25800 مترشح، سيكون السؤال الكبير الذي يدور في أذهان كثيرين منهم هو: من هو الشخص الذي يستحق أن يكون ممثلي في البرلمان القادم، بعد مهازل البرلمان السابق؟ ربما كان غالبية نواب المجلس الشعبي الوطني خلال العهدة المنقضية دون مستوى طموحات وآمال وتوقعات الجزائريين، فهم لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء حضور جلسات برلمانية حاسمة، وربما كان كثير من المترشحين للفوز بصفة نائب بالغرفة البرلمانية السفلى غير جديرين بالترشح أصلا، وكان كل همهم الفوز بالحصانة والأجرة الشهرية المغرية، ولكن هذا لا يجيز لنا تعميم الحكم نفسه على كل النواب وجميع المترشحين·· في الساحة السياسية اليوم عشرات الأحزاب، بينهم 44 حزبا دخلوا معترك التنافس الانتخابي بمناسبة تشريعيات العاشر ماي، ومن غير الإنصاف وضعهم جميعا في سلة واحدة، والحكم عليهم ب"الإعدام السياسي" جميعا، لمجرد أن بعض الأحزاب، أو لنقل عددا غير قليل من الأحزاب، غرقت في الفضائح والفساد والمؤامرات·· وفي مواجهة ال44 حزبا تقف 183 قائمة حرة، أسسها نشطاء سياسيون لا ينتمون لأي تشكيلة حزبية، بعضهم لديه من الكفاءة والحنكة ما يؤهله للتفوق على زعامات كثير من الأحزاب، والبعض الآخر لا يمتلك من الكفاءات غير "المعريفة"، ومن الشهادات غير شهادة الميلاد، وبالتالي لا يحق لنا أن نصنف أصحاب القوائم الحرة جميعا في خانة الانتهازيين أو الطماعين، كما لا يمكن تصنيفهم كلهم في خانة الأكفاء القادرين على تمثيل المواطن بشكل جيد· ربما كان الانتهازيون والطماعون والفاسدون والجهلة موجودن بقوة في قوائم الترشيحات، ولكن لماذا نظلم المترشحين النزهاء والأكفاء والصالحين المترشحين؟ عدد المترشحين للانتخابات التشريعية يقدر ب25800 مترشح، سيتنافسون على 462 مقعد بالمجلس الشعبي الوطني·· وبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مقعد في البرلمان سيكون محل تنافس بين نحو 56 مترشحا، وإذا افترضنا أن 90 بالمائة من المترشحين فاسدين، وأن 10 بالمائة فقط ممن يخطبون ود الناخبين ليسوا أهل فساد، فإن إمكانية تشكيل برلمان صالح واردة جدا إذا أجاد الناخبون الاختيار، فمن بين كل 56 مترشحا لا يبدو مستحيلا العثور على مرشح واحد نزيه وكفؤ وجدير بثقة الناخبين·· ومن بين 25800 مترشح يمكن العثور على 462 رجلا وامرأة من الصالحين الجديرين بحمل صفة نائب "غير ناهب"! وربما كانت المشكلة التي تواجه الناخبين الذين لا تهمهم أسماء الأحزاب والقوائم، بقدر ما تهمهم جدارة المترشحين بحمل صفة "ممثل الشعب" هي قيام بعض التشكيلات السياسية بالمزج بين الصالحين والفاسدين المفسدين في قائمة واحدة، ولكن الأكيد أن الجزائر ستقطع خطوة كبيرة نحو الأمام إذا نجحت في الحصول على تركيبة برلمانية تضم غالبية من الصالحين، لا يؤثر عليهم وجود بعض أهل الفساد والمفسدين·· وإذا كان وجود نواب فاسدين في البرلمان المقبل شرا لابد منه، فإن المطلوب تغليب كفة أهل الاستقامة والصلاح، حتى لا يسير المجلس الشعبي الوطني بالبلاد إلى الهاوية··