خبران مضحكان مبكيان في آن واحد: الخبر الأول يتعلق بتصريح مدير الوقاية بوزارة الصحة، عندما دعا الجزائريين إلى عدم القلق وقال بأن الملاريا "مستوردة".. والخبر الثاني، يخصّ طلب مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي طالب حكومة بلاده بوقف "استيراد" السجائر و"الشمّة" المستورة من طرف جزائريين ضمن نشاط "الكابة"! سبحان الله، لم يبق لنا سوى "استيراد" الملاريا من أدغال إفريقيا، و"تصدير" الشمّة إلى شوارع الشونزليزيه، بعدما برع مستوردونا في تعبئة الحاويات بالثوم والبصل من الصين، وحتى "الحجارة"، ضمن رخص استيراد المايونيز والكاتشوب والموز والكافيار والهريسة و"المرقاز"! حكاية استيراد-استيراد هي التي منتنا بتصدير الكسكسي و"الشخشوخة" و"زلابية بوفاريك" و"البغرير" و"الخفاف" و"الترفاس" و"التشاراك"، وغيرها من السلع التي كان بإمكاننا أن "نستثمر" في الكثير من البلدان، خاصة تلك التي ينتشر فوق أراضيها جزائريون وجاليات عربية ومسلمة! هل يُعقل أن نستحي من تصدير "الرفيس" ولا نحشم من استيراد "حلوة الترك"، في عمليات أكلت ملايير الدولارات وتسببت في إفلاس الخزينة العمومية، والدليل ما نعانيه اليوم من عجز مالي، أوصلنا إلى حدّ طبع النقود لتفادي الأسوإ ومواجهة تداعيات أزمة انهيار أسعار النفط! استيراد "الملابس الداخلية"، هو في الحقيقة عيب وعار، لأننا أفلسنا ثمّ شمّعنا "سونيتاكس" التي كان بوسعها تحقيق الاكتفاء الذاتي للجزائريين من مختلف الألبسة، وهي نفس المذلة التي جعلتنا نستورد "بطاطا الخنازير" من كندا، بينما بلغت بنا الحال إلى رمي بطاطا عين الدفلى في المزابل! هل يُعقل أن يتخلّص فلاحونا من قناطير الطماطم بالوادي وغيرها، في وقت يُغرق مستوردون الأسواق بطماطم مجمّدة وأخرى مصبّرة؟ أليس العيب فينا وقد استوردنا التفاح بالأطنان من ألب كوت دازور الفرنسية، بينما يتعرّض تفاحنا في باتنة للكساد ويجني المزارعون هناك خسارة بعد أخرى؟ نعم، عيب وعار علينا، وقد استوردنا لحما مجمّدا وحتى "جيفة" من البرازيل والمكسيك، بينما تخلينا عن كباش أولاد جلال.. واستوردنا حتى المسلسلات المدبلجة، وللأسف استوردنا عادات وتقاليد جديدة، والأخطر والأمرّ، أخلاق جديدة، وطريقة عيش لا تليق بنا، بعدما استوردنا غذاءنا ودواءنا وملبسنا ومركبنا، واستورد بعضنا "نساءهم"، وبدأ نساء في استيراد "رجالهم"، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم! نستورد الآن "الملاريا"، بعدما استوردنا السيدا و"التسيتسي"، وغيرها من الأوبئة، بينما نكاد نعجز عن تصدير أيّ شيء يحمل يافطة "ماد إين ألجيريا"، باستثناء "الشمّة" على حدّ تحذير سيناتورات فرنسا!