يعتزم الكاتب والناشط الإسلامي الأستاذ لخضر رابحي دخول "صالون الكتاب 23 " بدخول بعنوانين مهمّين، خصّص الأولّ لنقد النظام العربي والحركة الإسلامية ، جاء تحت عنوان "جداول الوعي" ، لتجاوز علل أرهقت الوطن وعطّلت التحوّل في عالم لا يؤمن بالصغار. وقد ارتكز النائب البرلماني السابق في تحليله للوضع السياسي العربي على نقد المنطق الأحادي واللعبة المغلقة التي أثبتت كل التجارب ضررها الفادح على الأوطان والتنمية، وعجز هذا المنطق حتى على الحفاظ على حدود الوطن ووحدته، مؤكدا عدم نجاعة لعبة الانغلاق في عالم مفتوح تتحرك فيه الأفكار أسرع من تحرك البضائع التجارية . وقد دعا المؤلف إلى ضرورة الخروج من شرعية العنف والقوة إلى شرعية الشعب، من خلال مرحلة انتقالية دقيقة، وفي إطار رؤية واضحة استيعابية ومتدرجة، تعطي الجميع الحق في الوطن الواحد. "رابحي" نقد السياسة القائمة على معيار الولاء أو الجهوية أو المذهبية على حساب الإنسان وعلى حساب الكفاءة والاقتدار، مما عمّق الظلم وصنع عقيدة الغربة في الأوطان، كما رفض الديمقراطية الواجهاتية القائمة على التزيين الخارجي وفكرة التغيير في دائرة الاستمرارية، هذه الثقافة التي صنعت اليأس في نفوس الشباب وأبطلت عنده الأمل في التغيير وأجهضت أحلامه، ففضل الموت في بطن الحوت والمغامرة في كل مسلك تائه، بدل الانتظار ومتابعة نتائج هذه السياسة العرجاء. وبخصوص تجربة الحركة الإسلامية، فقد نقد الكتاب الخطاب المشحون بالعنف والمسكون بالوهم والمفصول عن الواقع والخائف من الجديد ومن تجارب الآخر، وشجب فكر التبرير وعقلية المؤامرات التي تسعى للتغطية على عيوب الذات والإخفاقات المتكررة وعدم تحمل المسؤولية، ما أدّى، حسبه، إلى تكرار الأخطاء القاتلة والمضرة بالأوطان وبرصيد الدعوة بشكل مكرور مملول، وهي العقلية التي أدانها بشدّة . هذا وتعرّض الكاتب بالنقد إلى عيوب الإسلاميين كما يراها هو، مثل التفكير المثالي المتجاوز لحقائق الواقع الصارخة والانسجان في الماضي وفي تجارب بعينها دون تقييم أو مراجعة جريئة، فضلا عن نقد تنظيم الطائفة والدعوة إلى تنظيم الشعب، داعيا إلى عدم الخوف من الحرية، فالمشروع الإسلامي نفسه كما دلت تجارب التاريخ والواقع لا يتنفس ولا يتمدد إلا في أجواء الحرية، حسب تعبير المؤلف. وخلص "رابحي" إلى ضرورة المصالحة الفكرية والسياسية من أجل تجاوز التحديات الإقليمية والواقعية، ترجيحا لمصلحة الوطن ومصالح الشعوب في اتجاه التكامل بدل التصادم. أما الكتاب الثاني، فقد حمل عنوان "الرد المفيد: فصول في نقد السلفية المدخلية "، وهو تشريح وتوصيف لدعوة المداخلة، ولفكر "ربيع المدخلي" وجماعته وامتداداته في الوطن العربي، التي استهدفت الحركات الإسلامية جميعا، وألصقت بها فكر العنف والإرهاب، تغطية على ما في الفكر الوهابي والتاريخ الوهابي من مادة فكرية ملهمة لداعش وأخواتها، من وجهة نظره.