يتضمن كتاب "الخصوصية الإسلامية"، لمؤلفه "حمادي رديسي" تحليلا مميزا لظاهرة الوهابية التي انتشرت في العالم الإسلامي، التزم فيه الكاتب بعنصر التحقيق والتحري. انطلق الكاتب من تاريخ مولد ونشأة "المذهب الوهابي" في صحراء نجد، من خلال شرح ظهور الحركة في النصف الثاني من القرن السابع عشر، معتبرا أن المذهب الوهابي بات بين القرنيين ونصف رهانا إيديولوجيا وسياسيا عالميا، لاسيما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث ربطها بالحركة السلفية الجهادية. وحول عملية جمع المعلومات، قال رديسي إنه تلقى صعوبات خلال زيارة عدة مكتبات في مختلف بلدان العالم منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، مشيرا إلى أنه قام بفتح تحقيق ميداني، أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية، حيث تتبع أصول الوهابيين في كل من منطقة الديرية، والعاصمة نجد، وهي عاصمة محمد ابن عبد الوهاب، مؤسس المذهب الوهابي، وكل الشخصيات التي كان لها دور في المذهب الوهابي، في القرن التاسع عشر. ويضيف المصدر أنه عندما انتقل إلى الديرية، تمكن من فهم الموقع الجيوسياسي لهذه الجماعة، حيث قام بمقارنة العاصمة نجد، بمنطقة "تورابوارا "، بأفغانستان، والتي تعتبر أحد المعاقل الكبرى لتنظيم القاعدة بزعامة " أسامة بن لادن "، مؤكدا أن الوهابيين قد أعطوا لفكرة الجهادية انطباعا خاصا وخصوصية تشعرهم بالافتخار بفكر الجهادية الذي يعد احد الركائز التي تقوم عليها الحركة، على حد قوله. ويؤكد هنا الرديسي أنه لو تمكن الوهابيون من تطوير هذا الفكر والصمود أمام العوائق التي اعترضتهم وبالتالي البقاء، لاستطاعوا نشر رسالتهم في الوطن العربي، لاسيما وأن المنطقة الجبلية المحيطة بهم تساعدهم على ذلك، وشبه الرديسي الوهابيين بالخوارج الجدد، من حيث القبيلة والمعتقد، الذين عرفهم التاريخ خلال القرن الأول الهجري. ولم يكتف "حمادي رديسي" بهذا العمل، بل حاول معالجة الكتاب الذي وصفه النقاد بأنه ضخم من حيث المعلومات، ودرس تاريخ ومراحل الحركة الوهابية منذ النشأة وإلى يومنا هذا، مستشهدا في نفس الوقت بالزيارات الميدانية التي قام بها، لاسيما المكان الذي أعلن فيه الأمير الوهابي ما بين عامين( 1744- 1745 ) عن تبني منطقة نجد للمذهب الوهابي.