وجدت الكثير من العائلات في المعرض الدولي للكتاب فرصة للتنزه والترويح عن نفسها بسبب قلة الأماكن التي ترتادها في بقية الأيام، وعكس التدفق الهائل للزائرين للمعرض من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين هذه الحقيقة حتى الرضع زاروا المعرض بين أحضان أمهاتهم وآبائهم، وكانت المناظر النشاز في كل مرة تخترق يوميات المعرض وتسيء إلى سمعته العالمية. "الشروق اليومي" زارت المعرض والتقت العائلات التي قدمت من كل حدب وصوب من ولايات داخلية بعيدة بالإضافة إلى أفواج التلاميذ الذين اغتنموا عطلة نوفمبر لزيارة المعرض، وهو ما استدعى تمديد فتح المعرض إلى ما بعد السابعة مساء كما جرت العادة.
.. وفجأة أصبح الجزائريون مولعين بالقراءة "وفجأة أصبح الجزائريون يقرؤون".. بهذه العبارة المتكررة ردّت علينا حورية /م الجامعية التي قابلناها في المعرض، حيث أعربت عن دهشتها لهذا الكم الهائل الذي يستقطبه المعرض يوميا متسائلة هل حقا يقرأ الجزائريون؟ هل أصبح الجزائريون الذين يقاطعون القراءة والمطالعة في سائر الأيام فجأة مثقفين وقراء بامتياز.
"سيلفي" المعرض يغزو الفايسبوك وزائرون يعتبرونه بريستيجا.. غزى سيلفي المعرض الدولي للكتاب، لاسيما أمام مدخل الجناح المركزي ولافتات المعرض مواقع التواصل الاجتماعي في إشارة واضحة للتدليل على اهتمامات أصحابها، غير أن البعض وجهت إليهم انتقادات وسخريات من خلال تعليقات أصدقائهم الافتراضيين التي صبت في مجملها "منذ متى أصبحتم تقرؤون؟" اليوم اكتشفنا فيكم ميزة لم نكن نعرفها" وكذا "متى ستنهون قراءة كل هذه الكتب" ورأت السيدة حليمة/ت التي تحدثت إليها "الشروق" بعين المكان أن زيارة معرض الكتاب لا تعدو كونها برستيجا لتزيين الصفحات والتباهي أمام الأصدقاء والزملاء، وهو نفس الرأي الذي أكده عمر/س الذي قال إن الجميع عندما تلتقي به يسألك "هل ذهبت إلى المعرض؟ وكأنه حتمية لا بد منها حتى أن من هؤلاء من لم يقرا في حياته كتابا أو رواية.
سمسرة في "سندويتشات" الزائرين وبطبيعة الحال لم يفوّت التجار المنتشرون في مختلف زوايا المكان فرصة "استنزاف جيوب الزائرين ورفع أسعار المشروبات و"السندويتشات"، للظفر بربح أكبر لن يؤتى لهم في غير هذه المناسبات. وعمّ مشهد المطاعم المتنقلة المكان، حيث اصطف الزبائن لاقتناء سندويتش يسد جوعهم رغم أن أغلبهم غير راضين عن سعره. وفي السياق علّقت إحدى الزبونات قائلة "الأسعار هنا نار فسعر السندويتش مبالغ فيه ومحتواه لا يعكس ثمنه". ولا تقل أسعار السندويتش الواحد عن 250 دج وبعضها بلغ 300 دج وقد يصل إلى أكثر من ذلك بينما زادت أسعار المشروبات ب 20 دج وأحيانا 50 دج.
عائلات تفترش المساحات الخضراء.. منظر العائلات وهي تفترش المساحات الخضراء يوحي بالتعب الشديد الذي نالها من كثرة الغدو والرواح بين مختلف الأجنحة محملة بأكياس وحقائب مليئة بالكتب كل حسب اهتماماته وميولاته، لكن أغلب من قدموا كانوا بصحبة أطفالهم الذين شدّوهم نحو الكتب شبه المدرسية لتدعيم المستوى الدراسي وتسهيل فهم الدروس لاسيما في ظل برامج الجيل الثاني التي صعب استيعابها بالنسبة لبعض الأولياء المتعودين على مرافقة وتوجيه أبنائهم في دروسهم. كانت العائلات التي تكتلت أفرادا ومجموعات مهتمة في بتناول مع جلبته معها من لمجات و"سندويتشات" لسد جوع أبنائها حيث أخذت قسطا من الراحة قصد استكمال مسيرة استكشاف المعرض الممتد على مساحة شاسعة بحسب تعبيرها، لاسيما وأنها لا تستطيع العودة في اليوم الموالي بسبب البعد.
فضلات وأوساخ ومياه قذرة تعم المكان.. رغم أن زائري المعرض يفترض بهم أن يكونوا من المثقفين والنخبة، إلا أن ما شاهدناه من مناظر وسلوكات لا يعكس أبدا هذه القيم ولا يجسدها على أرض الواقع نفايات وبقايا أكياس بلاستيكية مرمية هنا وهناك في مختلف الأروقة وسلل القمامة لم ترفع من مكانها بل إنها فاضت لتطرح أرضا مشكلة صورة تشمئز لها النفوس. والأسوأ من هذا ما طال بعض البساطات المجاورة لدورة المياه، بسبب "سيول" الماء التي عمّتها والتي بعثت روائح كريهة للأجنحة المحاذية فضلا عن طوابير الزائرين الذين اصطفوا مع أطفالهم وهم يتأففون من قلة النظافة و"برك المياه" الراكدة، وهو ما جعل البعض يتساءل عن دور المنظفين وعن التزام الزائرين بآداب الحفاظ على المحيط العام.