يسجل المعرض الدولي للكتاب الذي يحتضنه قصر المعارض إقبالا كبيرا للمواطنين ومن مختلف ولايات الوطن، حيث يغتنم هؤلاء فرصة تنظيم مثل هذه المعارض التي لم تعد زيارتها تقتصر على المثقفين فقط من أجل التنزه وقضاء أوقات ممتعة مع الأبناء خاصة وأنه تزامن مع عطلة استفاد منها المتمدرسين بمناسبة ذكرى أول نوفمبر، ليتوافد عليه المواطنين من جميع المستويات، حيث بات قبلة لمن يريدون قضاء بعض الوقت خارج البيت، خصوصا في نهاية الأسبوع التي يسجل خلالها أرقاما قياسية. يشكل الصالون الدولي للكتاب بقصر المعارض هذه الأيام الوجهة المفضلة للعديد من العائلات الجزائرية التي تشد رحالها منذ الساعات الأولى للنهار باتجاهه، فبالإضافة إلى طابعه الفكري والأدبي تحول أيضا إلى فضاء للترفيه والتسلية، ومما زاد من هذا الإقبال تواجد الأطفال في عطلة لمدة أربعة أيام بمناسبة الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة المجيدة، ليكتشف المتجول عبر أرجائه الحاجة الملحة لمختلف شرائح المجتمع لمثل هذه المعارض التي تخرجهم من الروتين والملل الذي بات يطبع يومياتهم وكذا انعدام فضاءات الراحة بالعاصمة. وسائل النقل تعجز عن استيعاب الحشود اكتظاظ كبير تشهده مختلف وسائل النقل التي تعمل على الخطوط الرابطة بهذا المكان الذي يسجل أصحابها مداخيل معتبرة خلال هذه الأيام، فبداية من الميترو إلى التراموي وكذا حافلات النقل، إلا أن التراموي يبقى الوسيلة المفضلة من طرف العائلات نظرا لانتظامه بالرغم من أنه يعرف توافدا كبيرا للمواطنين الذين عجز عن استيعابهم مما دفع بالأعوان الذين وضعوا لضمان سلامة هؤلاء من طرف المؤسسة يقومون بتحديد الأعداد التي تقله تفاديا للاكتظاظ. إقبال كبير لمختلف فئات المجتمع لاحظناه خلال الزيارة التي قمنا بها للمعرض، أين وجدنا الكبار والصغار والمسنين وكذا الرضع الذين كانت أمهاتهم تتجول بهم في عرباتهم، فيما صنع الأطفال في أرجاء معرض الكتاب الدولي فرجة مميزة في ظل الإزدحام الكبير والاكتظاظ الذي يعرفه، حيث تقول إحدى السيدات التي كانت تحمل رضيعها وتجوب أروقة معرض الكتاب بصعوبة » أنا في عطلة أمومة وقمت بأخذ سنة عطلة أخرى من أجل تربية طفلي، ومنذ ولادته لم أخرج إلى أي مكان، وبما أنني أحب المطالعة أصررت على المجيء إلى هذا المعرض، ولم يكن بإمكاني تركه لأنه لم يبلغ الخمسة أشهر بعد ولم يكن الحل سوى جلبه معي«. البعض الآخر من الزوار جعلوا من المساحات الخضراء المحاذية للمعرض مكانا لقضاء الوقت والاسترخاء وكذا الأكل، خاصة وأن الطقس هذه الأيام جميل، فبمجرد الانتهاء من الاطلاع على ما يوفره المعرض من كتب في مختلف المجالات يحملون رحالهم باتجاه مكان مناسب يستمتعون فيه بالمناظر الجميلة، وفي الوقت الذي يتوافد العديد من الزوار على محلات الأكل المتوفرة بالمكان تفضل عائلات أخرى خاصة عديدة الأفراد جلب مأكولاتها ومشروباتها معها بسبب الغلاء التي تعرفه أسعار السندويتشات، حيث تجلس على العشب الطبيعي ومستمتعة بالطقس لتتجمع في هذه الأماكن، فتنظيمه يعتبر فرصة لكل عائلة من أجل قضاء الوقت، اقتربنا من السيدة زيدان القادمة من ولاية تيبازة رفقة أبنائها وسألناها عن السبب من مجيئها رغم بعد المسافة فردت قائلة: » إنها فرصة لا تعوض لأطلع على كل ما هو جديد في عالم الكتب والروايات، خاصة مع حبي للمطالعة وخصوصا للكاتبة أحلام مستغانمي التي اقتنيت آخر إصدار لها، كما أغتنم هذه التظاهرة لإخراج الأطفال للتنزه قليلا وأعودهم على حب المطالعة والقراءة التي تعتبر غذاء العقل، وبما أن المعرض يوفر لنا ما نريده، فأنا أحرص دائما زيارة المعرض رفقة الأبناء، وبعد أن تجولنا بمختلف أجنحته واشترينا ما نريده، أردنا الاستراحة بعض الشيء فهذا المكان جميل ومريح بالنسبة لنا، حيث تناولنا الغذاء فيه والأطفال كما ترون يلعبون ويمرحون«، مضيفة أن طبعة هذه السنة لم تختلف كثيرا عن السنة الماضية سوى في بعض الإصدارات. فضاءات للمطالعة والتسلية للأطفال وقد خصص المنظمون في معرض الكتاب مرافق خاصة للزوار كجناح الأطفال الذي تضمن فضاء للقراءة والمطالعة وكذا الرسم، بالإضافة إلى لعب ممتعة وعروض بهلوانية، وحول ذلك أكد سمير مقيدش مكلف بالمكتبة المتنقلة التي حطت رحالها منذ بداية المعرض بهذا الفضاء، أن مديرية الثقافة وتحت إشراف وزارة الثقافة ارتأت من خلال هذه المكتبة تقريب الكتاب من الأطفال وتشجيعهم على المطالعة من خلال تخصيص فضاء للمطالعة والقراءة والذي يتوفر على كتب في جميع التخصصات، حيث يشهد هذا الأخير إقبالا من طرف هذه الشريحة خاصة في نهاية الأسبوع. بالإضافة إلى ذلك -يقول- لم يتم إغفال الجانب الترفيهي من خلال عروض بهلوانية يقدمها مهرجين والذي تمكنوا من إمتاع الأطفال الذي بات أصوات ضحكاتهم تسمع من كل مكان، ناهيك عن تقديم أناشيد وعروض تعرف بعادات وتقاليد مختلف ولايات الوطن والتي يتفنن في تقديمها أطفال في الرابعة عشرة من العمر. ووجد الكثيرون من الذين يقصدون هذا المعرض فرصة لقضاء اليوم فيها، خاصة أمام نقص المرافق والأماكن التي تسمح للعائلات بالتنزه، وهو ما جعل هذه الأخيرة تغتنم فرصة تنظيمه للخروج عن الروتين قليلا، مثلما أكده أحد الزوار قائلا أن نقص الأماكن التي يقضي فيها الفرد أوقاتا جميلة يدفعه لانتظار مثل هذه المعارض خاصة وتزامنه مع عطلة الأطفال جعلنا نغتنم الفرصة للخروج مع العائلة رغم الإكتظاظ الذي يعرفه، بالإضافة إلى ذلك فإننا نحرص على المجيء لزيارة مختلف أجنحته والإطلاع على كل ما هو جديد، ناهيك الكتب المتعلقة بتمدرس الأطفال، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة ورغم وفرتها إلا أن أسعارها مرتفعة نوعا ما. وفي نفس الإطار تقول مجموعة من الطالبات في المستوى النهائي أن زيارتهن لمعرض الكتاب الهدف منها الاطلاع على الكتب التي تساعدهن في التحضير للبكالوريا، والتي وجدنها مرتفعة نوعا ما فكتاب خاص بمادة الفيزياء يقدر ب 950 دج، من جهة أخرى أردن أن يكون مكانا يلتقين فيه بعيدا عن جو الدراسة حيث قمن بزيارة مختلف أرجاء المعرض الذي شكل التزاحم وصغر المساحة المخصصة لبعض العارضين النقطة السوداء حسب رأيهن، وهو ما لم يسمح لهن بالإطلاع جيدا على الكتب المعروضة. وتبقى زيارة المعرض لدى بعض العائلات من أجل اقتناء بعض الكتب والقصص لأبنائها وتعويذهم على حب المطالعة، وهو ما قامت به جمعية كشفية، والتي قامت بتنظيم زيارة للأطفال المنخرطين بها إلى معرض الكتاب، لتسمح لهم باقتناء ما أرادوه من قصص. استطاعت مختلف الأجنحة أن تستقطب الزوار الذين تهافتوا للاطلاع على ما قامت بعرضه دور النشر الجزائرية وتلك المشاركة من مختلف الدول العربية، وشكلت الكتب الدينية كما جرت العادة أكبر ما يهتم له المواطن الجزائري، يليه المجالات الأخرى من طب وعلوم وصحة وجما وغيرها من التخصصات التي يجدها القارئ متوفرة عبر أروقة المعرض، وكلن للجناح التركي المشارك هذه السنة حصة الأسد من الزوار بما قدمه من كتب عن الشخصيات الدينية يأتي في مقدمتها النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وفي هذا الإطار تقول سيدة قادمة من باب الواد أنها أعجبت كثيرا بما عرضه الأتراك خاصة النوعية الجيدة للكتب سواء من حيث المضمون أو الشكل، بالإضافة إلى أن المعرض سمح لها بالإطلاع على مأكولات هذا الشعب الذي استطاع أن يغزو الدول العربية من خلال المسلسلات التي ينتجها وهو اليوم يحاول أن يصدر فكره وعاداته الغذائية أيضا، علما أنه يملك مطبخا ثريا ومتنوعا وهو ما أعجبني كثيرا. ويؤكد هذا التوافد أن الجزائريين يبحثون من جهة عن متنفس لهم في أي معرض يتم تنظيمه، في ظل غياب مرافق ملائمة، ومن جهة أخرى نظرا لتنامي أهمية الكتب لدى العديد منهم باختلاف أنواعها سواء كانت الدينية والفكرية والأدبية وكذا المتعلقة بالطبخ والجمال وغيرها.