ألزمت الحكومة المتعاملين الاقتصاديين،على وضع وسائل الدفع الإلكتروني، حتى تسمح لهم بدفع ثمن مشترياتهم باستعمال بطاقات الدفع الإلكتروني، وفي وقت أمهلتهم مدة سنة واحدة لاستخدام وسيلة الدفع الحديثة، أقرت غرامة ب50 ألف دينار في حال الإخلال بالالتزام، وبذلك تكون قد وضعت آلية جديدة لاستقطاب الأموال الموجودة خارج الداوئر الرسمية، كما قطعت طريق التهرب الضريبي. على خطى إقرار اعتماد وسائل الدفع الحديثة كالشيك الذي أصبح إلزاميا في التعاملات التجارية في مجال السيارات والعقار، تتجه الحكومة إلى فرض وسيلة جديدة للدفع، ويتعلق الأمر بالدفع الإلكتروني، حيث ضمنت مصالح وزارة المالية مشروع قانون المالية للسنة القادمة في محور الأحكام المختلفة مادة تؤكد أنه يتعين على كل متعامل اقتصادي يقدم سلعا أو خدمات للمستهلكين، أن يضع في متناولهم وسائل دفع الكتروني تسمح لهم بدفع ثمن مشترياتهم باستعمال بطاقات الدفع الإلكتروني، بناء على طلبهم. وتشير المادة التي تضمنها النص التشريعي أن كل إخلال بهذا الالتزام يشكل مخالفة لأحكام هذه المادة ويعاقب عليه بغرامة تقدر ب50 ألف دينار أي 5 ملايين سنتيم، ولضمان تطبيق الإجراء يخول في إطار مهامهم لضباط وأعوان الشركة القضائية المنصوص عليهم في قانون الإجراءات الجزائية، وكذا المستخدمين المنتمين للأسلاك الخاصة بالرقابة التابعة للإدارة المكلفة بالتجارة والأعوان المعنين المنتمين لمصالح الإدارة الجبائية، يخول لهم معاينة مخالفة هذا الالتزام. ومراعاة لضرورة تكيف جميع المتعاملين الإقتصاديين مع الإجراء الجديد، أشارت المادة القانونية إلى أنه يتعين على المتعاملين الاقتصاديين الامتثال لأحكام هذه المادة في أجل أقصاه سنة واحدة ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وعلى اعتبار أن المادة تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2018 فإلزامية الدفع الإلكتروني ستصبح سارية بداية من جانفي 2019، وبعد هذا التاريخ فعدم الالتزام يضع مخالف الإجراء تحت طائلة العقوبة المتمثلة في الغرامة المالية. الإجراء الجديد الذي يعد أحد آليات ممارسة الرقابة على حركة الأموال، وكذا مكافحة التهرب الضريبي، بررته الحكومة بالحاجة لتعميم وسائل الدفع الإلكتروني، من خلال إلزام المتعاملين الاقتصاديين بأن يجعلوا في متناول المستهلك وسائل للدفع الإلكتروني، هذه التقنية التي توفر للمستهلك الخيار في دفع ثمن مشترياته بطريقة الكترونية، ستمكن الجهاز التنفيذي من إبقاء حركات الأموال في الدائرة الرسمية، هذه الحركات التي طالما أرقت الحكومات المتعاقبة بسبب بقائها خارج الدائرة الرسمية أو ما يعرف بالأموال التي تدور في السوق الموازية والتي تضاربت بخصوص حجمها تصريحات مسؤولي الجهاز التنفيذي، ففي وقت قدرها الوزير الأول السابق عبد المالك سلال ب3700 مليار دينار، قال الوزير الأول الحالي أحمد أويحيي أنها لا تتجاوز 2000 مليار دينار. الحكومة تحاول بإقرار إلزامية الدفع الإلكتروني استقطاب الأموال الموجودة في السوق الموازية، وذلك بعد أن ظهرت عدم جدوى الإجراء الذي سبق وأن أقرته لتحقيق نفس الهدف ضمن قانون المالية لسنة 2015 وأطلقت عليه يومها التسريح الطوعي، وهو عبارة عن إيداع للأموال المكدسة لدى أصحابها، لدى البنوك في مقابل اقتطاع نسبة 7 بالمائة من حجم هذه الأموال. الإجراء يعتبر آلية كذلك لتحسين تتبع عمليات الدفع، ناهيك عن جدواه كآلية من آليات الرقابة، فالمتابعون للمجال المالي، يعتقدون أن وسائل الدفع الإلكترونية ستوفر لمصالح الضرائب أرضية بيانات يمكن اللجوء إليها لقطع طريق التهرب الضريبي، والتصريحات المغلوطة والتي عادة ما أدت الى إقرار "تصحيحات" ضريبية. الإجراء في جانبه الخفي يجعل الجزائر تفي بأحد تعهداتها الدولية المتعلقة بالرقابة على حركة رؤوس الأموال، وقطع طريقها لتمويل النشطات غير المشروعة.