تحدث الروائي واسيني الأعرج عن علاقته بالكاتب الراحل الطاهر وطار، الذي قال إنّه لطالما كان صانعا للحدث بشخصيته الاجتماعية والثقافية المثيرة للجدل، مضيفا بالقول إنّه "إذا كان الأدباء الروس يقولون إنّهم قد خرجوا من تحت معطف أبيهم الروحي نيقولاي غوغول، فأنا أقول إنّ عددا كبيرا من الكتاب الجزائريين و- أنا منهم- خرجنا من عباءة أو معطف الطاهر وطار. قال واسيني خلال مداخلة له تحت عنوان "ماذا بقي من الطاهر وطار؟" خلال اليوم الأول من الملتقى الوطني "التاريخ في روايات الطاهر وطار"، الذي احتضنته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بعنابة، إن وطّار كان يشجع على الحديث والنقاش وتبادل الأفكار، وكان يصنع الحدث الثقافي من لا شيء حتى وإن اختلقه من محيطه وأصدقائه.. مسترجعا جانبا من ذكرياته معه، وإصراره وعزمه على إنجاح جمعية الجاحظية التي ارتبطت به وارتبط بها، قائلا إنّ ثمة جملة ترن في رأسه إلى اليوم قالها وطار"إن لم تنجح الجاحظية سأشتري حبلا وأشنق نفسي" فالجاحظية بالنسبة إليه كانت مسألة حساسة ولم تكن حدثا عابرا.. فاستعاد واسيني أمام الحضور من أساتذة ومثقفين وقراء، لحظات حميمة من علاقته بالراحل، الذي تحدث عنه بحب واحترام كبيرين، مارا على محطات الاختلاف بينهما في مراحل متعددة من حياتهما، قائلا إنه هو الذي علمه الكتابة وتعلم منه الكثير من خلال الاحتكاك القريب والعلاقة العائلية التي كانت تجمعهما..، فكان هناك اختلاف في النظرة والحياة وبعض التصورات، ولكن جذوة الحب والود بينهما والعرفان لم تنطفئ يوما. وذكّر واسيني بالقيمة الثقافية والإنسانية الكبيرة للراحل، الذي قال إنّه كان أول من هنّأه بعد فوزه بجائزة الشيخ زايد عن كتاب الأمير، رغم أنهما كانا في خصام، حيث اتصل بزوجته الكاتبة زينب الأعوج طالبا إيصال تهانيه. ويرى واسيني أن وطار شخصية تمتعت بالمواطنة وكان من الأوائل الذين نادوا بضرورة تأسيس فضاء للالتقاء وتبادل الآراء وحرية التعبير لجميع التيارات، فأسس الجاحظية التي اشتغل فيها بحب وجهد كبيرين، رغم أن الوضعية السياسية كانت بالكاد تتحرر من الأحادية في خضم الصراعات الايديولوجية واللغوية (الفرانكفونية)، مضيفا بأن وطار فكّر في جمعية تستوعب كل الناس، مذكرا بسلسلة الندوات التي عقدها وطار في البدايات وخلقت جدلا وسجالا ثقافيا مهما، مذكرا بأهمية أعماله الروائية التي ناقشت الهوية وتمتعت بأفق واسع وبقوة التبصر.