الزائر لمختلف مداشر وقرى بلدية بوعيشون الرّيفية الثمانية بولاية المدية يقف على مدى عطاء أراضي هذه البلدية المنسية ومقوّماتها الفلاحية، حيث تعرف نشاطا فلاحيا كبيرا ومتنوعا على غرار الأشجار المثمرة ومختلف الخضروات والحبوب. وتعتبر المنطقة من أكثر المناطق إنتاجا لفاكهة الكرز والتين، وكذا اللّوز والجوز بالإضافة إلى الكروم والخضراوات والحبوب رغم النقص الفادح الذي تشهده المنطقة في المياه الصالحة للشرب والسقي، حيث يعتمد فلاحو المنطقة وبنسبة فاقت 80 من المائة على مياه الأمطار فقط، ناهيك عن عدم استقرارهم في أراضيهم وقراهم ومداشرهم التي هجروها بسبب الإرهاب الهمجي سنوات التسعينيات، حيث لم يعد منهم إلاّ القلّة القليلة فيما بقي أغلب السكّان يقطنون المدن، على غرار عاصمة الولاية حيث يحجون لأراضيهم صباحا ليعودوا في المساء إلى المدن. وعن سبب عدم استقرار هؤلاء من جديد في قراهم ومداشرهم بعد استتباب الأمن قال بعضهم للشروق اليومي، إنّ السبب الرّئيس هو غياب أدنى ضروريات العيش الكريم، حيث أشار السكان، سواء من المقيمين أو المغادرين، إلى غياب الماء الشروب الذي يستفيد منه سكّان مقرّ البلدية مرّة كلّ أسبوع في حين تبقى المداشر تعاني غيابا شبه تام لهذه المادة الحيوية التي تقوم عليها الحياة فضلا عن متطلبات مهنتهم الفلاحية منها وهو ما جعل عديد مريدي هذه المادة يصرفون مبلغا لا يقلّ عن 1500 دج للظفر بصهريج منها ولا يجد العاجزون عن هذا المبلغ بدّا من الاستعانة بالحمير لجلب الماء من مقر البلدية أو أحد المنابع وسط ريف من الأرياف المجاورة على قلّتها. وأشار ذات المتحدثون إلى غياب قنوات الصّرف الصحي والنقص الفادح في التزوّد بالكهرباء الرّيفية، ناهيك عن الحصص الضئيلة التي منحت لحدّ الآن لبلدية بوعيشون من البناء الرّيفي رغم وجود مئات الطلبات التي فاقت 500 طلب. وتعاني كل من قرى البزبازة، العبابدة، صنهاجة، ذراع السديس، عين بلخير، الواتة والمخافرية من عزلة قاتلة بسبب حال الطرقات الكارثية، حيث لم تشهد معظمها ومنذ سنوات، عمليات شقّ أو تذليل لها. وليست قرى ومداشر بوعيشون فقط التي تعاني العزلة، فحتى عاصمة البلدية باتت تعاني هذا الأمر بسبب حال الطريق الولائي الذي يربط بوعيشون بالمدية على امتداد 30 كلم، والذي لا يصلح حتى لسير الجرّارات، فضلا عن السيارات نظرا لصعوبة ارتياده، ما جعل البلدية برمّتها تعيش عزلة خانقة.