صناديق بلاستيكية متراصة فوق بعضها البعض، وخزائن زجاجية مملوءة بألبومات لصور وطوابع وبطاقات بريدية.. لوحات زيتية قديمة وتحف نحاسية وبرونزية ودمى من زمن الستينيات، وطفلان يلعبان بعفوية وسط مساحة ضيقة من الغرفة التي احتلتها كل هذه الأشياء. هو منزل الشاب إدريس حافة القاطن في وادي قريش بباب الوادي بالعاصمة، والذي حوّله إلى متحف رغم معاناته مع الضيق، لأنه رأى في جمع الطوابع البريدية والصور التذكارية وبطاقات المناسبات والأعياد والأوراق والقطع النقدية القديمة أكثر من كونها هواية، فهي توثيق، حسبه، يحمل معه قصصا وذكريات لفترات تاريخية ومدنا وشخصيات وحتى السياسات والسلوكات الاجتماعية. استقبلنا إدريس حافة في منزله المتواضع والذي يقع في الطابق السفلي لعمارة ب "مناخ فرنسا" بباب الوادي، وهو عبارة عن غرفة واحدة كبيرة.. بل إنها متحف، وجدت عائلته الصغيرة نفسها وسطه تتنفس رائحة الطوابع البريدية والبطاقات التذكارية "كارت بوستال"، والأوراق النقدية وتسافر عبرها من حين إلى آخر إلى بلد ما وإلى مرحلة ما في التاريخ! أكثر من ألف و200 طابع بريدي، و500 ألف بطاقة تذكارية "كارت بوستال"، يعود بعضها إلى سنوات 1920، ومئات العملات والأوراق النقدية لبلدان عربية في مقدمتها الجزائر، ودول أوروبية وأمريكية وإفريقية. يقول إدريس إنه بدأ هذه الهواية منذ كان في سن 5 سنوات حيث كان شغوفا جدا وفضوليا في البحث عن الأشياء القديمة ذات الرمزية التاريخية، ويقوم بجمعها، كما أنه خلال 20 سنة جمع الكثير منها عن طريق شرائها أو بعمليات تبادل والبحث. وكان إدريس حافة، حسب ما أكده للشروق، يقوم بعرض سلعته من الطوابع والقطع والأوراق النقدية النادرة والتي يملك منها الكثير، في مناطق متفرقة من العاصمة وانتهى به المطاف في الأخير لأن يستقر في ساحة بورسعيد "سكوار" بالجزائر الوسطى، وهنا دامت علاقته مع زبائنه من 2004 إلى غاية 2015. وقد بدأت رحلة إدريس للبحث عن محل مناسب يمارس في نشاطه، ويعرض فيه تحفه ذات الرمزية الغالية عنده، فمنذ منعه عن النشاط في ساحة بور سعيد دخل سوق الدلالة ببومعطي بالحراش، الأمر الذي يراه قد يفقد هوايته صورتها الحقيقية خاصة أنه مكان شعبي. وقال إدريس للشروق، إن هوايته تخدم السياحة في الجزائر لأنها العملات والطوابع والبطاقات البريدية القديمة لما تحمله من كنوز تراثية ودلالات ورسائل لمراحل تاريخية، وهي بمثابة بطاقة تعريف لأي بلد عربي وأجنبي وهي أيضا سفيرة الجزائر في العالم، وتحتاج لأماكن سياحية مفتوحة لكل الجزائريين والسياح الأجانب.