لعلّها المرة الأولى التي نسمع فيها وزيرا في الحكومة، وعلى الهواء مباشرة في نشرة الثامنة، يعتذر للمواطنين عن خطإ وقع في قطاعه، قائلا إنه يتحمل جزءا من مسؤوليته، ومتوعدا بتغييره في القريب العاجل. هكذا كان الحال مع وزير الاتصال، ناصر مهل، الذي فاجأ الكثيرين ربما حين صرح معتذرا لجميع المشاهدين، أن برامج اليتيمة في رمضان تغلبت عليها الرداءة، والتميع وقلة الإبداع؟!! رغم أن اعتذار الوزير، عن برامج رمضان، كان منقوصا ومتأخرا، ذلك أننا لم نسمع أو نقرأ أن الاعتراف بالرداءة، كان متبوعا أو مسبوقا بأي قرار ملموس ضمن صلاحيات مهل الوزارية لتغيير المنكر التلفزيوني، كإقالة مسؤول في دائرة البرمجة أو في لجان القراءة، أو بإحداث انقلاب في الإدارة، فالكل ما يزال في منصبه، حتى إشعار آخر، وقد يتغير الوزير ذاته، ويبقى هؤلاء في مناصبهم، لا أحد يعلم؟! * * لكن التغيير الأخير الذي شهدته طريقة تناول الأخبار في النشرة الرئيسة على اليتيمة، بقدر ما أراحت المواطنين، إلا أنها طرحت مزيدا من الأسئلة، بدلا من تقديم الإجابات، لعلّ أهمها، إن كان هذا التغيير بديلا أو مسكّنا للتنازل عن مطالب فتح السمعي البصري التي تتزايد يوما بعد آخر؟! وهل هو تغيير في ظل الاستمرارية، على غرار تلك الكذبة التي تروجها الأنظمة الاستبدادية حين تلجأ إلى الانتخابات الديمقراطية المزورة؟! وهل سيظل قرار طرح مشاكل المواطنين على التلفزيون، المفروض أن يكون وطنيا وعموميا، رهنا لإشارة الرئيس، فإن وافق، فتح التلفزيون تقاريره على المعاناة في الشارع، وإن أبى، أغلق التلفزيون، حنفية حرية التعبير؟ ! * ثم لماذا لا يكون التغيير مصحوبا، بانفتاح أكبر على المواطنين في المناطق الداخلية، على غرار ما تفعله الإذاعة الوطنية بمختلف قنواتها وهي شقيقة التلفزيون في الإعلام العمومي الثقيل. هل ينكر أحد أن الإذاعة في السنوات الأخيرة تجاوزت اليتيمة، بآلاف السنوات الضوئية، من حيث ممارسة الاحترافية وأداء الخدمة العمومية؟! أم أنّ الأمر، ليس علاقة له بالكلمتين المسموعة أو المكتوبة اللتين تتمتعان بقدر من الحرية في البلاد، والمشكلة برمتها، مرتبطة أصلا بالخوف من الصورة، وما أدراك ما الصورة؟! *