كشف مصدر مطلع ل"الشروق"، بأن المديرية العامة لبريد الجزائر، سجلّت عمليات سرقة وتحويل لأرصدة زبائنها، بلغت أرقاما غير معقولة، خلال فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات، قدرتها مصادرنا بنحو 200 مليار سنتيم، تورط فيها موظفون وإداريون وقباضو بريد عبر مؤسسات البريد بمختلف أنحاء البلاد. وأشار نفس المصدر، إلى أن غالبية هذه السرقات تمت بالجهة الشرقية، خاصة عنابة، التي سجلت عدة شكاوى ومست عمليات التوقيف بها عشرات الموظفين والعاملين بالقطاع، جراء خيانة الأمانة، كما جاءت وهران التي هزتها فضائح قطاع البريد، سيّما منها حادثة تحويل قابض بريد لمبلغ 6 ملايير سنتيم لحساب خطيبته، جاءت في المرتبة الثانية وطنيا من حيث عمليات السرقة التي طالت أرصدة الزبائن، وتكبّد زبائن بريد الجزائر خلال الثلاث سنوات الأخيرة، خسائر مالية ضخمة تجاوزت ال200 مليار سنتيم، وتمثلت هذه الخسائر في شكل ثغرات مالية، نفذها إطارات وموظفون في مراكز البريد، حيث تم في هذا الإطار ملاحقة أزيد من 42 موظفا وإطارا بتهمة إختلاس الأموال وخيانة الأمانة. وانطلقت فضائح مراكز البريد من ولايات شرق البلاد، أين تم تسجيل قرابة ال15 عملية إختلاس لأموال، وسجل مركز بريد أولاد دحمان ببرج بوعريريج، عندما إختفي القابض الرئيسي لذات المركز مع اكتشاف إختفاء ما يفوق المليار و700 مليون، وأياما بعد ذلك فقط سجل مركز ششار بولاية خنشلة، ثغرة بقيمة مليار سنتيم، وبوهران أمر قاضي التحقيق لدى محكمة وهران منذ نحو أسبوعين، وضع المحاسب الرئيسي للبريد، رهن الحبس المؤقت بتهمة اختلاس مبلغ مالي تجاوز 2 مليار سنتيم، وبلغت قيمة الثغرة المالية بمراكز البريد لولاية وهران خلال الفترة المذكورة، ما يفوق ال16 مليار سنتيم، وهو مبلغ ضخم إستدعى إيفاد لجنة تحقيق من طرف الوزارة المعنية، كما كانت العاصمة مسرحا للعديد من عمليات الإختلاس، حيث سجلت في الثلاث سنوات الأخيرة عشرات القضايا منها اختلاس مبلغ 270 مليون سنتيم من ملحقة بريد وزارة العدل الكائن مقرها بالأبيار، والتي تورط فيها كل من القابض وعون الشباك، على غرار قضيتي اختلاس أموال عمومية وتكوين جمعية أشرار والتزوير في محررات تجارية ومصرفية التي تكبد من خلالهما بريد الجزائر خسائر قدرتها لجان التفتيش أكثر من نصف مليار سنتيم التي اكتشفتها بكل من مركزي بريد سطاوالي والشراڤة، حيث قدّر مبلغ الثغرة ب650 مليون، تورط في قضية بريد سطاوالي كل من القابض الرئيسي وأمين الصندوق وامرأة تشغل منصب عون شباك، هذه الأخيرة التي بينت المحاكمة توريطها من طرف أحد المتهمين، حيث أثبتت التحريات وجود ثغرة بقيمة 30 مليون سنتيم بالسجل الذي تدون عليه الواردات والصادرات، وبعد التحقيق تم اكتشاف ثغرة أخرى من قبل لجنة التفتيش التي كشفت تزوير صك صادر عن بنك التنمية المحلية وكالة سطاوالي مع اختلاس المبلغ المقدر ب481 مليون سنتيم، كان من المفروض تحويله إلى البريد المركزي بالعاصمة، كما وضع ملف فضيحة الاختلاس والمشاركة في التبديد مسؤولين كبار بالمركز البريدي بالدار البيضاء، في قفص الاتهام بعد تسجيل ثغرة مالية ب700 مليون سنتيم، حسب ما حددته الخبرة الأولية، وتورط في العملية، قابض البريد المتهم الرئيسي، الذي كان يقوم بعمليات غير قانونية باستعمال محررات مصرفية لسحب مبالغ مالية ضخمة لفائدة مقاول هو في حالة فرار، بعد أن فتح له حساب جارٍ في البريد ذاته، إضافة إلى فتح دفتر التوفير والاحتياط لشخص وهمي. وتواصلت عمليات السحب بين 2004 و2008 وعلى دفعتين تم من خلالهما سحب ما يقارب 700 مليون سنتيم، وكان قابض مركز بريد البلاطو بوهران، قد استولى على مبلغ 4 ملايير سنتيم، وفر إلى وجهة مجهولة، وعثرت مصالح الأمن على جواز سفره وبعض الوثائق الخاصة بالقابض المتورط داخل مكتبه، فيما فر المعني نحو وجهة مجهولة، وعلى اثر هذه الفضائح، شنت المديرية العامة لبريد الجزائر، ومن ورائها وزارة بن حمادي، حملة تغييرات واسعة في سلك قباضي البريد والمفتشين والمسؤولين المحليين، وإعداد برنامج ضخم للرقابة ومنع حدوث مثل هذه الفضائح المالية مستقبلا، ووضع برنامج تأمين جدي لأرصدة الزبائن.