أكدت مصادر مطلعة "للشروق اليومي"، أن القيمة المالية للأموال التي تم اختلاسها بمختلف مكاتب بريد الجزائر، على المستوى الوطني، من سنة 2007 إلى اليوم، تقدر ب 290 مليار سنتيم، كان آخرها ما حدث ببريد بلدية الشراڤة الذي بلغت فيه القيمة المالية للأموال التي تم اختلاسها 38 مليار سنتيم، هذا الأمر أدى إلى استنفار مصالح بريد الجزائر التي قررت الزيادة في عدد المراقبين المكلفين بمراقبة العمليات المالية عبر 330 مكتب بريد موزعين عبر مختلف ولايات الوطن. البريد في أقل من سنة ونصف السنة تدابير وقائية لمواجهة ظاهرة الاختلاسات بمكاتب البريد كشفت تحقيقات الفرق الاقتصادية والمالية للأمن الوطني وكذا الدرك الوطني، أن قيمة الاختلاسات التي حصلت في مصالح بريد الجزائر بين سنة 2007 والأشهر الأخيرة من السنة الجارية، تجاوزت 290 مليار سنتيم، لم تتمكن ذات المصالح من استرجاع سوى 26 مليون دينار إثر 9900 عملية مراقبة قامت بها مصالح بريد الجزائر، وقد سجلت هذه الاختلاسات عبر 78 عملية تمت في 76 مكتب بريد موزعين عبر مختلف ولايات الوطن. وقد أحيلت 67 قضية تتعلق باختلاس أموال عمومية والتزوير واستعمال المزور والتستر على عمليات الاختلاس، عبر عدد من مكاتب البريد ومازالت الجهات القضائية بصدد النظر فيها، وذكرت مصادرنا أن عمليات الاختلاس تتم عن طريق الاستعمال غير القانوني لبطاقات السحب التي بادرت مصالح بريد الجزائر إلى تعميمها عبر مختلف مكاتب البريد الموزعة عبر التراب الوطني، أو سحب أموال بعض المتوفين الذين غالبا ما تكشف الجريمة، بعد تقدم الموفرين لمكاتب البريد قصد سحب أموالهم المدخرة. في نفس الإطار، اعتبرت مصادرنا أن أكبر عملية اختلاس تمت ببريد بلدية الشراڤة التي قدرت فيها حجم الأموال المختلسة ب 38 مليار سنتيم، وقد اكتشفت هذه العملية إثر التحقيق الذي قامت به الفرقة الاقتصادية والمالية للأمن الوطني خلال شهر فيفري الماضي. أما أهم قضية فصلت فيها الجهات القضائية والتي أدانت خلالها مؤخرا ثمانية متهمين، فتتمثل في قضية اختلاس أكثر من 45 مليار سنتيم من البريد المركزي. وتعود تفاصيل هذه القضية إلى شهر جويلية من السنة الماضية، عندما أنهت مصالح أمن ولاية الجزائر التحقيق فيها، ويعد القابض الرئيسي بالبريد المركزي، المتهم الرئيسي في هذه القضية، حيث تمكن بالتواطؤ مع مسيّرين لبعض الشركات الخاصة بتحويل 45 مليار سنتيم عن طريق فتح حسابات جارية وهمية، إضافة إلى سحب أموال من بعض الحسابات الجارية ومنحها لبعض الخواص مقابل إرجاعها في آجال محددة، غير أن هؤلاء لم يقوموا بإرجاع تلك الأموال، وقد بلغت عملية سحب واحدة، حسب التحقيقات الأمنية، 16 مليار سنتيم. كما عالجت مصالح الأمن، قضية ثانية تتعلق بمركز البريد الواقع بحي 08 ماي 1945 في باب الزوار، وتتعلق القضية بتواطؤ في عمليات مشبوهة، الأولى تمت سنة 2005 وتتعلق بتحويل مليار سنتيم، أما العملية الثانية فقد بلغت 600 مليون سنتيم. وتتمثل إحدى العمليات الأخرى، في الفضيحة التي فجرها المدير الإقليمي السابق لبريد الجزائر بالغرب والتي ينتظر الانتهاء من التحقيق فيها، وهي القضية التي رفع بخصوصها هذا المسؤول شكوى ضد المدير الولائي السابق بتهمة التستر على اختلاس أكثر من 8 ملايين دينار بمكتب حاسي عامر بوهران وإبرام صفقات مشبوهة مخالفة لقوانين الصفقات العمومية. وعرفت ولاية سيدي بلعباس عمليات مماثلة، حيث تم اختلاس حوالي 230 مليون سنتيم، خلال العام الماضي، من مكتب بريد سيدي لحسن، كما عرف مكتب بريد الطلبة منذ حوالي سنة، عملية اختلاس أخرى بعد اكتشاف ثغرة مالية قدرت ب 200 مليون سنتيم. وقد عرف بريد الجزائر بسيدي بلعباس، سنة 2007 اختلاس حوالي مليار و57 مليون سنتيم، كما سجل بذات القطاع أكبر عدد للمتورطين في قضايا الاختلاس ب 14 فردا، مقارنة بالقطاعات الأخرى على مستوى الولاية، منهم فتاة شغلت منصب موظفة بمكتب بريدي وتمكنت من تحويل 300 مليون سنتيم إلى رصيد آخر، قبل أن يتم اكتشاف أمرها إثر سحبها لمبلغ 60 مليون سنتيم على دفعات وفي ظرف زمني لا يتعدى 48 ساعة. هذه الوضعية دفعت بمسؤولي قطاع البريد، على رأسهم الوزارة الوصية، إلى اتخاذ إجراءات صارمة في مجال مراقبة مختلف العمليات المالية التي تتم عبر مكاتب البريد المختلف، إضافة إلى الزيادة في عدد المراقبين المكلفين بمراقبة العمليات المالية وتحديث وسائل العمل.