نسيم لكحل 11 يوما من العدوان على لبنان كانت كافية ليتغير كل شيء، وتنقلب كل الموازين، كافية لتتبدل الأهداف وتتغير الأحوال.. 11 يوما من العدوان (فقط) كانت كافية لتؤول الحرب إلى تشرذم وانقسام داخلي إسرائيلي مقابل وحدة لبنانية، بعد ما بدأت بوحدة إسرائيلية اتفقت فيها جميع الفعاليات على ضرورة القضاء الأبدي على خطر حزب الله في الشمال، وبدأت بتشرذم وانقسام داخلي لبناني على خلفية التخوف مما قد تجنيه "مغامرة" حزب الله على لبنان. الآن وعلى طريقة (على الرعب أن يغير مواقعه) لم نعد نسمع في لبنان (بلد الطوائف) إلا صوتا واحدا وموحدا مع المقاومة، ليست هناك نية لفقد التركيز وسط محاولات الكثير من الجهات التي تعمل جاهدة على تأليب الشارع اللبناني ضد حزب الله، وتسبيق يوم الحساب على أيام الجهاد، وحتى المتطرف وليد جنبلاط المعروف بأنه الخصم السياسي العنيد لنصر الله تغير هو الآخر وفق ما تمليه ضرورات الحرب وواجبات الوحدة الوطنية، عندما يقول بأن حزب الله جزء من الشعب اللبناني لا يجب التفريط فيه. ولم نعد نسمع في إسرائيل كذلك كلاما عن القضاء على المقاومة خلال أيام، وحديثا عن إنهاء الحرب بسرعة، أو أشياء من هذا القبيل، فالرأي العام الصهيوني يتساءل اليوم وبحدة عن قدرة قيادته السياسية والعسكرية على حماية وجوده، والسؤال الطويل العريض المطروح هناك هو لماذا عجزوا عن حسم المعركة بسرعة رغم أن كل صواريخها على بيروت والضاحية الجنوبية لم تخطئ أهدافها، ورغم أن العدو ما هو إلا حزب أو ميليشيا ليس إلا؟!.. فما الذي تغير حتى تقبل إسرائيل اليوم بنشر قوات دولية على الحدود كسبيل لتسوية النزاع بعد ما كانت لا تقبل النقاش في ضرورة نزع سلاح حزب الله وبسط سيطرة الجيش اللبناني على كامل مناطق الجنوب كسبيل وحيد لإنهاء العدوان؟. بداية الحرب كانت كذلك شاهدة على هروب الكثير من العرب وحتى اللبنانيين الذين تزاحموا على الحدود السورية فرارا من أشباح الموت التي خيمت على بيروت، والآن بعد 11 يوما من العدوان تقول الأرقام أن نصف سكان الشمال الإسرائيلي فروا من منازلهم، غالبيتهم كانت وجهته خارج الكيان. اثنان فقط لم يتغيرا طوال هذه الحرب، حزب الله بقي صامدا في جبهة القتال، رغم تدمير البنية التحتية للبنان، ورغم سقوط العشرات من الشهداء من مقاتليه ومن المدنيين الأبرياء، إلا أنه لم يتغير ولم يطلق سراح الجنديين الإسرائيليين اللذين نفذ بهما عملية الوعد الصادق، وإلى جانب حزب الله نجد الحكام العرب، هم كذلك لم يتغيروا وبقوا صامدين، ولكن على جبهة.. العمالة، وما بدلوا تبديلا...