*تفاصيل مثيرة عن عبد الحفيظ بوالصوف والعربي بن مهيدي ربما هي الصدفة وحدها التي تركتنا نعرض حياة وتجربة المجاهد الأستاذ عبد الكريم حساني - رحمه الله - رفيق المجاهد والشهيد الرمز العربي بن مهيدي وزوج أخته السيدة المجاهدة الفاضلة ظريفة بن مهيدي * لكن عندما ينتهي القارئ الكريم من قراءة هذه التجربة، سيكتشف أنها منطلق جيد لعرض تجارب الناجحين والمؤثرين، وقد عدنا به إلى اثنين من عمالقة الثورة الجزائرية هما العربي بن مهيدي، ومؤسس جهاز الاستخبارات الشهيد عبد الحفيظ بوالصوف رحمهما الله، لنعرف كم كانت حياة هؤلاء مليئة بالمجازفة والعطاء بغية أن تحيا الجزائر مستقلة. * التقيت الأستاذ عبد الكريم حساني أكثر من مرة، وكلما طلبته في لقاء أو حوار أو ندوة إلا ولبى الدعوة دون تردد، وعندما زرته في بيته آخر مرة بأعالي "شوفاليي" بالعاصمة في شهر مارس 2009، قرأت لوحة بالشارع كتب عليها شارع محمد الطاهر بن مهيدي، فسألته من يكون الرجل، فأخبرني أنه الشهيد شقيق الشهيد العربي بن مهيدي، أما قصة تسمية الشارع باسمه فتعود إلى عدة سنوات خلت، عندما كانت والدة الشهيدين على قيد الحياة، حيث أقيم حفل وتناولت الكلمة فشكرت الحاضرين على تذكر العربي، وتساءلت: "لِمَ يُنسى محمد الطاهر.. فكلاهما شهيد، وأنا لا أفرق بين أبنائي" على حد قولها، فتم اقتراح تسمية الشارع المتفرع عن الشارع الكبير المؤدي من شوفالييه إلى بوزريعة باسم محمد الطاهر. وأدركت حينها كم هذا الرجل عبد الكريم حساني محظوظ في الذكر فهو رفيق الشهيد، وزوج أخته، وساكن بشارع يقرأ اسم صاحبه الشهيد صباح مساء. * أما الشيء الآخر الذي زاد من لطف اللقاء مع الأستاذ عبد الكريم، ما قرأته على الشبكة العنكبوتية قبل ذلك عن وجود بلدية بولاية الوادي تحمل نفس اسمه، فسألته عن العلاقة بينه وبين هذه البلدية التي تحمل اسمه، فابتسم وقال إن لا علاقة على الإطلاق سوى أن الرجل شهيد آخر من شهداء الثورة، وهكذا ربما يكون عبد الكريم حساني المجاهد الوحيد في الجزائر الذي تحمل بلدية من بلديات الوطن اسمه مخلدة إياه بالصدفة. * * من هو عبد الكريم حساني؟ * ولد المجاهد عبد الكريم حساني بولاية بسكرة عام1931، وهذه الولاية معروفة بالوعي الثقافي والديني الكبيرين، ويقول الرجل عن ذلك: "أتذكر في السنوات الأولى التغلغل الثقافي الكبير وعودة الوعي الديني بشكل لا يمكن تصوره"، وهذا راجع حسبه إلى حزب الشعب الجزائري الذي أصبح آنئذ يجند ويؤطر الطبقات الاجتماعية، ثم إلى خطأ الاستعمار في اعتقاده أن الشعب الجزائري سيبقى رقيقا إلى الأبد، ثم إلى امتلاك سكان المنطقة مواهب في اللغة العربية، وتمتعهم برصيد ديني محترم. ويعبر الأستاذ حساني عن هذا بقوله "عندما وصل حزب الشعب الجزائري ونادى بالجهاد، وجد أهل المنطقة تلك العلاقة بين هذا النداء والمبادئ الدينية التي تعلموها". * كان للأستاذ حساني الحظ أن دخل مدرسة قرآنية لا تبعد عن البيت سوى بثلاث مائة متر، وعمره لم يتجاوز الخمس سنوات، وكان معلمه بها الشيخ الرغيدي، كما تتلمذ في مدرسة فرنسية، غير أن أسوأ ما يتذكر منها هي العنصرية عند بعض الأساتذة ومنهم المدعو "كاربيشون" الذي قال عنه بأنه كان عنصريا إلى أبعد حد، وقد عمل هذا الكاربيشون كل ما بوسعه كي يخرج الطفل عبد الكريم حساني من المدرسة، لكن شاء تعالى أن لا يتم له ذلك، وقد حدث هذا عندما حصل حساني على الشهادة الابتدائية، وكان في الدراسات الانتقالية سنوات 44 و45، وفي هذه الفترة التحقت أستاذة تدعى "دولان" وكانت كبيرة في السن، سألت عبد الكريم حساني عما بينه وبين المدير، فرد عليها الطفل ببراءة وجرأة: "لقد اغتيل أخي سنة 1945، أثناء الأحداث الدامية، وهذا المدير لعين ولا يريدني أن أدرس"، فقالت له "هكذا؟" فرد عليها "نعم هكذا"، فقالت مدرسة الإنجليزية "إذا أعاد الكرة وأراد أذيتك فأخبرني". وتوقف المدير عن مطاردته للطفل منذ ذلك التاريخ، لأن "دولان" كانت تنتمي لحزب ديغول، وكاربيشون ينتمي للماريشال بيتان الخائن، فخاف حينئذ على نفسه. * رغم التحاق عبد الكريم حساني بالمدرسة الفرنسية وتمكنه من فرض نفسه بفضل تفوقه ثم مساعدة السيدة دولان، إلا أنه التحق مجددا بمدرسة تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين افتتحها الشيخ خير الدين، وكان اسمها مدرسة "الباشات"، نسبة إلى ما يعرف عندنا بالباشا، وهي مدرسة بدون جدران، تعلم فيها عبد الكريم لأول مرة التاريخ والعلوم الدينية المختلفة "بترتيب علمي جيد" كما يقول، وهو ما جعله يكسب رصيدا محترما في هذا المجال، ولا زال يحتفظ به في ذاكرته إلى اليوم، وترك في نفسه تفتحا كبيرا، كما أكسبته منهجية ودقة كبيرتين. * * من بسكرة.. الهجرة الأولى إلى باتنة وسيناريو العنصرية يتكرر * بعد تحصل الأستاذ حساني على شهادة الأهلية، قرر الانتقال إلى باتنة لتحضير شهادة البكالوريا الدرجة الأولى، ولكنه عاش نفس ظروف العنصرية، وكان بالثانوية أستاذ يدرس العلوم الطبيعية يسمى "لامبير"، قتلوا والده بالأوراس، كان يتميز بعنصرية كبيرة وكراهية شديدة للجزائريين، وقد حاول بكل الوسائل إخراج التلميذ عبد الكريم حساني من الثانوية، لكن قدوم أستاذ آخر رفقة زوجته من نيس والتحاقه بالثانوية غير من هذا الوضع. * اقترب الأستاذ الجديد من التلميذ وقال: "يا سي حساني أرى أن كتابتك رديئة جدا، وعلاماتك هزيلة"، فرد عليه التلميذ: "أبدا، ليس هذا مستواي، لأن لامبير هو الذي أراد تحطيمي". فابتسم وقال له: "ابتداء من اليوم اِنسه". وبفضل هذا الأستاذ يقول حساني تغير الوضع وارتفعت معدلاتي، "ولولاه لغادرت الثانوية". * حصل عبد الكريم حساني على بكالوريا أولى ثم بكالوريا ثانية، قسم في قسنطينة وقسم في سطيف بثانوية القيرواني، وكان اسمها حينئذ "ألبارتيني"، وحدث له نفس المشكل مع أستاذ الرياضيات "الذي قسم على تحطيمي"، وقد حدث الحوار التالي: * قال الأستاذ الفرنسي: "لا أستطيع أن أتقبل أن يصبح مسلم متفوقا في الرياضيات، تستطيع أن تكون كذلك في العلوم والآداب، ولكن ليس في الرياضيات، لأنكم قوم متخلفون، لا يمكن أن تحصلوا على لغة الدقة". فرد عليه التلميذ عبد الكريم حساني بكل ثقة: "أنا هنا ولن أنسحب". * الموقف الصعب حدث يوم امتحان البكالوريا، وكان امتحان الرياضيات في الصباح، وعندما أنهى حساني الامتحان لقيه الأستاذ عند الباب وطلب منه مسودة الإجابة، وكان التلميذ قد قام بحل التمرين المطروح في الامتحان في السابق عدة مرات، نظر الأستاذ نظرة خاطفة في الإجابة واستدار نحو التلميذ وقال: "عندك صفر". يواصل عبد الكريم حساني سرد هذه الواقعة، ويقول إنه ذهب بعد تعليق الأستاذ إلى البيت في حالة يرثى لها، وكان الزمن شهر رمضان فطلب كأس ماء وأخبر أهله أنه ضيع امتحان الرياضيات، وقرر بالتالي عدم مواصلة إجراء الامتحانات، وعدم الذهاب في المساء لامتحان الفيزياء، لكن مع صلاة الظهر عاد نفس الأستاذ، على دراجة ودق في باب البيت، وأخبر التلميذ أنه أخطأ في تقديره للإجابة وحلول التمارين صحيحة، وأهداه بالمناسبة كتابا للعالم الفرنسي في الهندسة "مونج"، واعتذر منه. حدث هذا في جوان من عام 1954. * حصل التلميذ عبد الكريم حساني على شهادة البكالوريا في الرتبة الأولى بعمالة قسنطينة كلها التي كانت تضم عدة ولايات، ودخل جامعة الجزائر فرع الرياضيات، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة ومغامرة أخرى. * * الملامح الأولى للنضال السياسي * لم تنقطع علاقة عبد الكريم حساني بالعمل السياسي، يقول "كنت دائما في خلايا حزب الشعب، سواء ببسكرة أو باتنة أو قسنطينة"، بثانوية ألبرتيني بسطيف كون الحساني خلية لحزب الشعب رفقة حيحي بشير وعشرة مناضلين، منهم بلعيد عبد السلام، كان الاجتماع يوميا في المساء في سرية تامة، وأحيانا بالبيوت خارج الثانوية. * ألقي القبض أول مرة على عبد الكريم حساني بجامعة تيزي وزو، وادخل السجن لكن سرعان ما أخلي سبيله بسبب عدم ثبوت التهمة... * يعلق المرحوم حساني على نشاطه بأنه كان تحضيرا للطلبة من وراء جبهة التحرير الوطني، وكان عدد الطلبة المجندين نحو 400 طالب، من بينهم الأمين خان، فرحات الطيب، الطاهر بلمهيدي، سي بغلي. * كان حساني في مكتب اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين، في الوقت الذي كان فيه الفرنسيون أصدقاء الثورة يرفضون كلمة المسلمين باعتبارهم غير مسلمين، لكن الرد كان دائما يقول حساني "نحن معكم ولكن بشرط، قولوا لفرنسا ترفع يدها عن الإسلام وتحترمه"، وحينئذ تراجع الفرنسيون، وكانت التسمية "الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين"، الذي كان النقاش داخله كبيرا وعاما لأنه كان يضم ألوانا سياسية متعددة ومعروفة، وكان التساؤل الكبير "هل نقوم بالإضراب أم لا؟"، يواصل عبد الكريم حساني تقديم شهادته ويقول: "كانت فئة تقول بحسن نية، لا نقوم بالإضراب لأننا ينبغي أن نحضر أنفسنا لما بعد الاستقلال". * يرى عبد الكريم حساني أن الأمر بالإضراب لم يكن صادرا من قيادة جبهة التحرير، وقد تم اتخاذ قرار الإضراب في مكتب موجود بأعالي العاصمة يسمى "لارو بارصو" وكان مقر اتحاد الطلبة، كان الاجتماع يضم نحو 60 إلى 70 شخصا، وفيه قال الراحل محمد الصديق بن يحيى "يجب أن نقوم بالإضراب" وكان أكمل للتو دراسته في الحقوق، وبعد أخذ ورد جرى انتخاب وكانت الأغلبية مع قرار الإضراب الذي اتخذ بين 16 و19 ماي عام 56، وتم تحرير المناشير، وكان الطالب حساني مكلفا بنقلها إلى الجرائد الفرنسية. * * حساني في صفوف "الاتصالات" * سافر حساني بعد الإضراب إلى وهران وهناك التقى بالدكتور النقاش "ومعه كان الاتصال ينتظرني"، وعين حساني ملازما في جيش التحرير بعد مؤتمر الصومام، وأصبح مدربا متخصصا في المواصلات، وقد التقى بوصوف عبد الحفيظ لأول مرة في شهر جويلية 1956، وقد حضر الاجتماع سي موسى، عبد المومن شهيد، علي قراس، ورشيد كازا. * يقول حساني أنهم كثيرا ما كانوا يتعرضون للتضليل بسبب اعتراضهم للاتصالات الفرنسية، "وحدث مرة أن بعثوا لنا مرة رسالة خاطئة، بها عبارة "تحيا الحرية" وقد تم اكتشاف المكيدة، لأننا لم نكن نستعملها بل كنا نستعمل عبارات مثل "تحيا الجزائر"، "تحيا الاستقلال"، "المجد للشهداء"، وهكذا كنا نتفطن لمثل هذه الألاعيب والحيل". ويعلق حساني على تصرف الفرنسيين "هاذي ركبة مايلة!". * في مؤتمر الصومام بعث بن مهيدي العربي بالشارات العسكرية بمعية عبد الكريم حساني لضباط الولايات الخمسة، وكانت نجمة حساني حمراء دلالة على رتبة ملازم، يقول حساني "كنت سعيدا وفخورا جدا بها، لقد عرض علي الفرنسيون مثلها سابقا، فرفضت وعوضني ربي خيرا". * وعندما عين عبد الحفيظ بالصوف في الحكومة المؤقتة، كان حساني ضابطا مدربا في الغرب الجزائري، وطلبه للالتحاق به لفتح جبهة في الشرق الجزائري، ومشى الرجل من طنجة إلى تونس، وفتح معسكرا بتونس وكون العديد وأصبح عضوا في وزارة التسليح. * * العلاقة مع العربي بن مهيدي.. علاقة حياة * وعلى ذكر الشهيد العربي بن مهيدي، يقول عنه حساني "لم يكن بن مهيدي يضيع صلاة واحدة عن وقتها، وإذا كان في اجتماع وحان وقت الصلاة يخرج على استحياء، دون أن يخبر أحدا بذلك" ولما التقى حساني بيجار، ظن أن بن مهيدي كان من جماعة الإخوان المسلمين، ولكن حساني نفى له ذلك، وقال له بأنه متمسك بدينه وفقط، شأنه شأن زيغود يوسف ومصطفى بن بولعيد وغيرهما. * تعرف عبد الكريم حساني على العربي بن مهيدي عام 1944، عندما كان "قائد كشاف"، وكان محط إعجاب لأنه كان رياضيا منتميا للاتحاد الرياضي لبسكرة، وكان يسجل الأهداف الكثيرة ضد الفرنسيين، كما كان شغوفا بالمسرح، وقد لعب دور الأمير، في مسرحية "في سبيل التاج" للكاتب الكبير مصطفى المنفلوطي، وفي المظاهرات الشعبية كان العربي بن مهيدي، يقول حساني، الأول دائما، إلى أن أدخل السجن خلال مظاهرات ماي 1945، بقبو رفقة السكيرين والمجرمين، وشاع الخبر "اعروبة في السجن" وهو الاسم الذي كان يطلق على بن مهيدي، ويستذكر حساني ويقول أنه رفقة مجموعة من الشباب كانوا يداومون على حراسة القبو، وتقديم الماء للعربي الذي كان يؤثر غيره "هؤلاء معي، وهم من سيشرب أولا". * * اللقاء الصعب.. حساني، بن مهيدي، بيجار * وفي عام 1983، كتبت أخته مقالا بإحدى الجرائد الأسبوعية، قالت إن بن مهيدي اغتيل ولم ينتحر، وأحدث المقال بلبلة، إلى أن اعترف بيجار بنفسه أن بن مهيدي اغتيل.. وبأمر من الحكومة الفرنسية. * يتلقى عبد الكريم حساني اتصالا هاتفيا من بيجار عام 2000، وعرض عليه اللقاء "لأمر مهم سيكلمه فيه"، لكن عبد الكريم حساني استشار كثيرين ومنهم أخت العربي بن مهيدي السيدة ظريفة، التي لم تكن متقبلة للأمر، وأبدى بيجار استعداده للمجيء إلى الجزائر ليعرض شهادته لكن السلطات العمومية رفضت التأشير له بذلك. * يذهب حساني إلى فرنسا رفقة زوجته ويلتقي بيجار، ولما رأى السيدة ظريفة قبل رأسها، وبكى وقال له :" ثلاثة لن أنساهم أبدا "هوشي منه، جيسكار ديستان، والعربي بن مهيدي"، لقد كان له وجه ملائكي"، قال بيجار لعبد الكريم حساني، إنه شخصيا لم يعذب بن مهيدي لكنه اعترف بأنه قدمه إلى أناس آخرين، وأبدى استعداده للحلول بالجزائر وإقامة ندوة إعلامية حول الموضوع "ولكن بشرط ان أنحني أمام روح العربي بن مهيدي، أنا كنت أريد تحطيم الثورة الجزائرية وقمت بواجبي". * يروي عبد الكريم حساني هذه الشهادة ويقول: "قال لي بيجارإن هدفه كان تحطيم بن مهيدي نفسيا لأنه كان أسيرا لديه.." يقول بيجار: "عندما كنا في القصبة فتحت نوافذ السجن وقلت له لم يبق لكم يا العربي شيء، نحن الأسياد، لقد صرنا نتحكم في مقر عملياتكم، أنتم صفر مكعب. فقال لي العربي "أنت مخطئ يا جنرال"، قلت يبدو أن الرجل فقد عقله، وأضاف العربي "نحن نتغلب على الجيش الفرنسي بالحق وليس بالسلاح، أنتم ستخسرون التاريخ"، وأضاف بيجار يروي شهادته لعبد الكريم حساني: "عندها عرفت أني لن أستطيع تحطيم الرجل، فهو مستعص"، وعرض بيجار على بن مهيدي التفاوض، فرفض وقال له "أنا مجرد جندي في سبيل الاستقلال، ولست ممثلا عن الشعب الذي لم يفوضني بذلك"، ويضيف بيجار بالقول "لو كان عندي عشرة منه لفتحت العالم"!!. * * حساني بعد الثورة * عين عبد الكريم حساني بعد الثورة موظفا بوزارة الداخلية وقام بتنظيم تربصات لكل المنتمين سابقا لسلك الاتصالات، ثم مديرا للوظيف العمومي، فمديرا عاما للإعلام الآلي، حيث فكر لأول مرة في برمجية للقرآن الكريم، وإدخال العربية في ميدان الإعلام الآلي وبعد نقاش مع مسؤولي مؤسسة "طومسون" الفرنسية بدأ بإرسال ثلة من المهندسين والإطارات إلى فرنسا التي تجاوب المسؤولون بها مع الفكرة بعد التردد في البداية، لأنهم حسبوها من الناحية التجارية، لكن أطرافا داخل البلاد أجهضت المشروع بشهادة عبد الكريم حساني، حينها أصيب بأزمة قلبية وأدخل المستشفى وقرر مغادرة القطاع العام نهائيا، يدخل عالم الأعمال الحرة ويصبح بعد مدة رئيسا لإحدى الكنفدراليات لرجال الأعمال. * بالتأكيد ليس هذا كل شيء عن الراحل المجاهد والمثقف عبد الكريم حساني الذي تحصل على ليسانس في الرياضيات، ودكتوراه درجة ثالثة في الحقوق والفقه مع الشيخ الدكتور فتحي الدريني، وهو الذي وجهه لإجراء دراسة حول نظرية السبب في العقد، وكانت المذكرة التي أعدها مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي. وقد خلف الراحل مؤلفين هما: "حرب بدون أوجه"، و"حرب الأمواج".