مدينة وهران تفاجأ مؤخرا مواطنون بوهران، ممّن يشغلون حاليا عقارات تركها معمرون وراءهم غداة الاستقلال، بدعاوى قضائية رفعها ضدهم مواطن جزائري يدعي حيازته لوكالة من طرف هؤلاء المعمرين المقيمين بفرنسا، تخول له متابعتهم أمام المحاكم لاسترداد هذه العقارات التي قال بأنها ملك للمعمرين؛ حيث لم تسلم من هذا الإجراء حتى مؤسسة سوناطراك التي هُدم مطعم تابع لها بالمنطقة الصناعية الكائنة ببطيوة. وحسب الوثائق التي تحصلت عليها الشروق اليومي، فإن صاحب الوكالة الذي أنابه معمرون فرنسيون في رفع دعاوى قضائية لاسترداد العقارات التي يتمسكون بملكيتها، يمثل مجموعة من الرعايا الأجانب ويتعلق الأمر بالمعمرين: روجي جيل وزوجته وأبنائه، إليان مارسان، بيلارد بيار، دزيري بيلار، الذين طالبوا مجاهدا بإخلاء مسكن كائن بشارع الأمير عبد القادر بمدينة بطيوة، وبالضبط في الطريق المؤدي إلى بلدية عين البية قبالة مركب صناعي، شاغل هذا المسكن المدعو حميدي نادر، صرح بأن المنزل المتنازع عليه، تم تأميمه في 1971 من طرف سوناطراك وكان بمثابة ناد تجتمع فيه الإطارات، بعد سنوات تحول إلى مكتب للإتحاد العام للعمال الجزائريين، قبل أن تقرّر منحه في الأخير إلى المتحدث وهو عامل بسوناطراك، إذ تفاجأ في الصائفة الماضية بحكم قضائي يقضي بطرده من المسكن، الذي شغله ما يقارب العقدين من الزمن، وما أثار استغرابه هو أن المعمرين الذين يدعون ملكيتهم للمسكن، "غادروا التراب الوطني مباشرة بعد الاستقلال ولم يسبق لهم أن وطئت أقدامهم الجزائر كي يطالبوا بأملاكهم"، لكن الذي حدث أن شاغلي مثل هذه العقارات اصطدموا بشكاوى رفعها مواطن جزائري ضدهم يدعي حيازته لوكالة تتيح له استرداد هذه الأملاك. أحد المتضررين من هذا التصرف صنف الأمر ضمن خانة "المؤامرة" التي تنسج خيوطها جهات لديها مصلحة في الاستيلاء على أملاك أممتها الدولة في سبعينيات القرن الماضي. نقطة أخرى أشار إليها ممثل المواطنين المطرودين من مساكنهم بأحكام قضائية بعاصمة غرب البلاد، وهي المذكرة الداخلية التي أصدرتها المديرية العامة لأملاك الدولة، التي فحواها "المعمرون ملزمون بإثبات أنهم دفعوا الضرائب واستغلوا عقاراتهم بدون انقطاع منذ الاستقلال"، كي يتسنى لهم المطالبة بملكيتها وهو الأمر الذي لم يحدث مع هؤلاء المعمرين، الذين تواروا عن الأنظار مباشرة بعد الاستقلال، ووكلوا مؤخرا مواطنا جزائريا ليرفع دعاوى قضائية ضد مستغلي "عقاراتهم"، وبالفعل نجح في الاستيلاء على هذه الأملاك، والأكثر من ذلك أن مؤسسة بحجم سوناطراك تعرض أحد مطاعمها للهدم بحكم قضائي، بدعوى أنه مشيد فوق قطعة أرض ملك لأحد المعمرين، هذا وطالبت منظمة المجاهدين بدائرة بطيوة في وهران، التي وصفت الأمر بالخطير، السلطات العليا في البلاد بفتح تحقيق في هوية أصحاب الوكالات الذين ينوبون عن رعايا أجانب يقيمون وراء البحار ويريدون الاستيلاء على أملاك أممتها الدولة الجزائرية.