الشيخ محمد العاصي منعت السلطات الأمريكية قبل 27 عاما الشيخ محمد العاصي من الصلاة بالناس ومخاطبتهم في المساجد، لكنه لم يستسلم وقرر منذ 1983 الصلاة بالناس في شوارع واشنطن، ومن بين الضغوط التي مورست عليه للتخلي عن هذا الخيار والتي يرويها في حوار مثير مع "الشروق" أنه في السنة الثانية وبعد شروعه في الصلاة بالشارع، وتحديدا سنة 1985، وفور شروعه في الخطبة الأولى لصلاة الجمعة، جاءت امرأة عارية كأنها على شاطئ البحر وكان الوقت صيفا، ووقفت إلى جانبه طوال خطبة الجمعة، وطبعا لم يستطع أحد طردها لأنه من حق أي إنسان بأمريكا الوقوف في الشارع. يجمع الناس في الشارع، يؤمهم في صلاة الجمعة والأعياد منذ سنة 1983، يخطب فيهم بجرأة كبيرة، مستخدما مكبر صوت وبخليط من العربية الفصحى والانجليزية يصب الإمام محمد العاصي جام غضبه على الإدارة الأمريكية وعلى الأنظمة العربية، خطبه النارية يسمعها الجميع بما فيها الشرطة التي تمر بالقرب منه دون أن تفعل شيئا، لأن الاقتراب منه ومحاولة منعه يعد اعتداء صارخا على أحد أهم مبادئ الدستور الأمريكي وهو حرية التعبير. هي قصة الإمام الأمريكي المولد محمد العاصي التي لا يمكن أن تحدث في كل الدول العربية والإسلامية، وهي قصة مرتبطة بالمركز الإسلامي بواشنطن، الذي اكتمل بناؤه سنة 1957، ودشنه الرئيس الأمريكي الأسبق إيزنهاور، ليكون معلما إسلاميا وقبلة للمسلمين من أعضاء السلك الدبلوماسي والجالية الإسلامية التي لم تكن كثيرة العدد حينها، غير أن مشروع بنائه يعود إلى سنة 1944، حين لم يجد المسلمون مسجدا يصلون فيه على السفير التركي المتوفي، حيث تبنى المشروع مهاجر فلسطيني يعمل في مجال المقاولات، اسمه جوزيف هاور، وتولى الإشراف على تجسيد المشروع السفير المصري محمود حسن باشا الذي شرع في جمع التبرعات وتم وضع الحجر الأساس للمشروع سنة 1949، وهو يقع في شارع ماستشوستش الذي يضم السفارات. كانت إدارة المسجد إلى غاية السبعينات إدارة مصرية، حيث كان الأزهر يرسل الأئمة، غير أن الأحداث التي وقعت في العالم الإسلامي مثل الثورة الإسلامية في إيران، واغتيال السادات في مصر، والغزو السوفياتي لأفغانستان، جعلت الجالية الإسلامية في واشنطن تتحرك لإسماع صوتها إزاء هذه التحولات، لكن الإمام الذي كان معينا من قبل الحكومة المصرية برعاية سعودية لم يكن يهتم بما يجري في العالم الإسلامي، وهو والد الإمام فيصل عبد الرؤوف صاحب مبادرة بناء المركز الإسلامي بنيويورك، والذي أحدث ضجة كبيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال العام الجاري. موقف الإمام المصري السلبي من التطورات الحاصلة في العالم الإسلامي أثار غضب الجالية الإسلامية وبدأت في التحرك، حيث تحدثوا معه في الموضوع وكان محمد العاصي واحدا منهم، طالبين منه الاهتمام بشؤون المسلمين في العالم، غير أن الإمام أصر على موقفه، فانتقل المسلمون إلى خطوة أخرى، حيث قرروا إجراء انتخابات وتحديد من يدير المسجد ويصلي بالناس، وبالفعل تم انتخاب 10 أعضاء لإدارة المركز الإسلامي، ولما شعر الإمام بأن المسلمين لا يريدونه انسحب بهدوء، وتم اختيار محمد العاصي ليكون الإمام البديل المنتخب، وحدث ذلك بتاريخ 20 نوفمبر 1981، وهو التاريخ الذي بدأت فيه القصة المثيرة للإمام محمد العاصي، الذي يسردها بنفسه في الحوار. للإشارة فإن محمد العاصي سوري الأصل من مواليد الولاياتالمتحدةالأمريكية، درس آداب اللغة العربية في جامعة بيروت العربية بلبنان، ثم درس العلوم السياسية في جامعة ميرلاند بأمريكا، وعمل لمدة أربع سنوات بسلاح الجو الأمريكي، ثم استقال من الجيش، ودخل مجال الوعظ والإرشاد، وهو حاليا يؤم الناس في شارع ماستشوستس منذ 27 سنة، بعد أن طرد من المسجد سنة 1983 .