تفاجأ أمس موظفو سلك الشرطة، بعد عودتهم من التربص الذي أجروه في إطار مكافحة الإجرام، بحل مصلحة قمع الإجرام ومكافحة الجريمة المنظمة منذ ثلاثة أيام دون إبلاغهم في وقت سابق، مما أثار مخاوفهم على مصيرهم، خاصة وأنهم التحقوا بالمصلحة لاستلام قرارات تعيينهم، ويتزامن ذلك مع محاولة سائق مساعد مدير هذه المصلحة الانتحار بسلاحه مساء أول أمس، ولا يستبعد علاقة محاولة الانتحار هذا بحل المصلحة التي يعمل بها. ذكرت مصادر مقربة من محيطه أنه كان يعيش ضغوطات نفسية في الأيام الأخيرة، حيث يواجه أفراد الشرطة مشاكل مهنية ونفسية، خاصة في فترة التحويلات والتعيينات، وقد أقدم حوالي 150 شرطيا على الانتحار خلال السنوات الأخيرة بمعدل 13 انتحارا سنويا حسب إحصائيات رسمية، مما فرض تكفلا نفسيا بهؤلاء. وأعلن المدير العام للشرطة أن مشروع القانون الجديد يهتم بالجانب الاجتماعي لموظف الأمن في محاولة لتدارك هذه الثغرات. نائلة. ب إلتحق صباح أمس أفراد الشرطة باختلاف رتبهم بمصلحة قمع الإجرام ومكافحة الجريمة المنظمة الواقعة بشوفالي غرب العاصمة، وهذا لاستلام تعييناتهم الجديدة بعد أن خضعوا لتربص في مجال مكافحة الإجرام بأشكاله ليستفيدوا من عطلة انتهت أول أمس، لكن هؤلاء تفاجؤوا بإبلاغهم بحل هذه المصلحة، وأن "عليهم انتظار قرار من المديرية العامة للأمن الوطني" دون تفاصيل أخرى، مما أثار استياءهم ومخاوفهم على مستقبلهم "الغامض" وانتظروا طويلا أمس دون الحصول على تفسير للقرار المفاجئ. ومصلحة قمع الإجرام ومكافحة الجريمة المنظمة، هي مصلحة مركزية تابعة لمديرية الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أنشئت عام 1994 مباشرة بعد اندلاع أعمال العنف لتركز نشاطها على مكافحة الإرهاب والاستعلامات، وبعد صدور قانون الوئام المدني، تخصصت هذه المصلحة أكثر في قضايا الإجرام المنظم والجرائم الاقتصادية، حيث عالجت قضايا تهريب المخدرات والسيارات واختلاس أموال عمومية، وكان يشرف على التحقيقات متخصصون بالتنسيق مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الأنتربول"، وأثمر التعاون عن توقيف مجرمين كانوا محل أمر بالتوقيف. ولم تتسرب أية معلومات حول أسباب حل هذه المصلحة، خاصة وأن هذا القرار يأتي في وقت دعا فيه رئيس الجمهورية أجهزة الأمن للتجند في مكافحة الفساد والتنسيق فيما بينها لمحاربة كل أشكال الجريمة، وتطرح أيضا مسألة التكفل بموظفي المصلحة، خاصة بعد أن أقدم سائق مساعد مدير المصلحة بمحاولة انتحار بمدخل العمارة التي يقيم بها بالشراڤة، وذلك مساء أول أمس في حدود الساعة السادسة مساء، وأفادت مصادر من محيطه أنه قام بإطلاق رصاصة أصابته على مستوى كتفه الأيسر، وقد نقل إلى مستشفى الشراڤة ثم الى مستشفى الأمن الوطني بالأبيار و"حالته مستقرة ولا تدعو للقلق"، وفتح تحقيق لتحديد طبيعة الواقعة، وهل كانت محاولة انتحار أو حادث. لكن مقربين منه أفادوا أنه كان يعيش ضغوطات نفسية لها علاقة بالعمل دون تفاصيل أخرى. وعرفت ظاهرة الانتحار إنتشارا في صفوف الشرطة أغلبهم لجؤوا الى الانتحار باستعمال أسلحتهم بسبب ضغوطات مهنية، وسعت المديرية العامة للأمن الوطني الى إنشاء مصلحة على مستواها للتكفل النفسي بموظفي سلك الأمن سنة 2000، حيث أحصت المصلحة 10 آلاف شرطي يعانون من صدمات نفسية، وأعلن العقيد علي تونسي، المدير العام للأمن الوطني، أن مشروع القانون الجديد الخاص بموظفي الأمن يركز على التكفل الاجتماعي بهم مقابل أيضا امتيازات مهنية أهمها رفع الأجور. المديرية العامة لا ترد وحاولنا أمس الاتصال بمصلحة الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني لتوضيح القضية، خاصة بعد أن تسربت معلومات تفيد بتحويل المصلحة وليس حلها، وإلحاقها مباشرة بالمديرية العامة للأمن الوطني بعد أن كانت تحت إشراف مديرية الشرطة القضائية التي تنحى مديرها عن منصبه بطلب منه، واختار حسب مصادرنا التقاعد المسبق "لأسباب صحية"، ولم تستبعد مصادرنا إدراج هذا الإجراء في إطار إنشاء وحدات جديدة ومصالح متخصصة أعلن عنها المدير العام للأمن الوطني بمناسبة عيد الشرطة، لكن الهاتف لا يرد في مكتب المكلف بالاتصال على الخط المباشر وخط المديرية.