"تصوروا كيف بإمكان تلميذ في السنة الأولى ابتدائي أن يتنقل يوميا، بمحفظة يفوق وزنها 15 كيلوغراما، من درارية إلى سحاولة من أجل الدراسة، ليعود بعدها إلى منزله دون أن يكون بإمكانه الحق في الإطعام المدرسي"، هي جزء من يوميات المئات من تلاميذ العائلات المرحلة بالعاصمة حديثا. * لم يجد مديرو المدارس بمنطقة غرب العاصمة، حلا لمشكلة التلاميذ المرحلين سوى فتح أقسام جديدة، وهو ما خلق لدى العائلات المرحلة موجة غضب واستياء، على حد قول أحد الأولياء ممن وجدناه ينتظر ابنه للخروج من مدرسة العربي التبسي بسحاولة يرد قائلا. "يتهمون أبناءنا بأنهم قادمون من "البرارك"، لهذا عزلوهم في أقسام خاصة". * الساعة الحادية عشرة والنصف عندما وصلنا إلى مدارس سحاولة وهي الوجهة التي إختارتها مديرية التربية لغرب العاصمة، لتمدرس تلاميذ العائلات المُرحلة من ديار الشمس نحو درارية، غير أن نعمة الحصول على سكن تحولت إلى نقمة على الكثير من العائلات، حيث وجدنا عددا من العائلات المحتجة من أولياء التلاميذ المرحلين في الطور الابتدائي ينتظرون مقابلة مدير المدرسة. * تتحدث إحدى السيدات قائلة: "منذ أن رحلنا وأنا لم أذهب لمزاولة عملي، كل المدارس بدرارية رفضت استقبال ابني، حولتنا مديرية التربية لغرب العاصمة إلى مدرسة الذكور بسحاولة، فكيف يتنقل طفلي للمدرسة وعمره لا يتعد العشر سنوات"؟. * 42 تلميذا في القسم الواحد والتلاميذ المرحلون لا حق لهم في الإطعام * تضم سحاولة ثلاث مدارس، إحداها للذكور تحمل تسمية العربي التبسي، ومدرسة الإناث بن مرجة محمود، ومدرسة أخرى مختلطة. ترحيل أبناء العائلات المرحلة ومحاولة إيجاد أقسام لهم بهذه المنطقة، ضاعف تعداد تلاميذ المدارس الثلاث إلى مستويات قياسية، حيث ارتفع تعداد أقسام السنة الأولى والثانية ابتدائي بمدرسة بن مرجة محمود إلى 42 تلميذا في القسم الواحد، ما ألزم المدارس بالمنطقة إلى مراجعة رزنامة التوقيت للتلاميذ، فبعد أن كان التلاميذ الأصليون بالمدارس يزاولون دراستهم بنظام الدوامين، بوجود التلاميذ الجدد فرض عليهم نظام الدوام الواحد، ولم يفهم أولياء التلاميذ الأصليون، أين ذهبت ساعات الدوام المسائية، وهي الساعات التي خصصتها المدارس للتلاميذ المرحلين الجدد. * غير أن العمل بهذه الصيغة لم يعجب أولياء التلاميذ ممن تقدموا بشكاوى لدى المفتشية العامة للبيداغوجيا على مستوى المنطقة، رافضين أن يدرس أبناءهم بنظام دوام واحد، مع تعويض الساعات الأخرى يوم السبت الذي كان في وقت سابق يوم عطلة. * وبرزت للواجهة احتجاجات العائلات المرحلة إلى جانب رفض العائلات الأصلية بالمنطقة توزيع أبنائهم إلى الشارع والاستغناء عن الدوام المسائي تقول إحدى السيدات "ماذا يفعل أبناؤنا من الفترة 11.30 إلى غاية المساء، إنهم لا يدرسون، لقد أصبحوا يدرسون مدة أربع ساعات في اليوم". * غير أن محنة الأولياء المرحلين من ديار الشمس، أكبر، فرحلة البحث عن مقعد بيداغوجي لأبنائهم مازالت قائمة، حيث أن نظام الدوام الواحد لم يرق للكثير منهم، بحجة أن هذه المدارس قامت بالعمل بهذا النظام من أجل وضع مخطط يُميز أبناء التلاميذ المرحلين عن أبناء التلاميذ الأصليين. * يقول أحد الأولياء "إنه من العار رفض دمج أبنائنا مع بقية التلاميذ ووضعهم في أقسام خاصة مما يجعل بقية التلاميذ الآخرين ينظرون إليهم على أنهم أبناء "البرارك"، غير أن هذه الإدعاءات لم نجدها عند أحد المسؤولين الذي رفض ذكر إسمه في الموضوع بحجة أنه غير مرخص له بالحديث قائلا: "التلاميذ المرحلين الجدد ممتازين جدا في مستواهم الدراسي".