بدأت جرائم النظام المصري تتكشف خلال الليلة التي أعطيت فيها الأوامر للأجهزة الأمنية بالانسحاب، خصوصا في السجون التي تحولت إلى ساحة للتصفية والقتل بأبشع الطرق، وقد روى المساجين الذين فروا من السجون تفاصيل المجازر التي حدثت والتي تورطت فيها الأجهزة الأمنية، حيث يقول السجين محمد عبد الغفار الفار من سجن أبو زعبل أنه سمع إطلاق الرصاص على المساجين، وأن القناصة المتواجدين بالأبراج كانوا يضربون "بالمليان". * وتواترت الأخبار عن المشهد المروع في أطراف سجن أبو زعبل، حيث العشرات من الجثث مرماة في الطرقات بعد عملية التمرد الكبرى التي شهدها السجن وهو أكبر سجن بالقاهرة، وقدرت مصادر أمنية عددها ب 50 قتيلا، وأفاد صحافي من »فرانس برس«، أنه رأى 14 جثة تم نقلها الى مسجد مجاور لسجن أبو زعبل. وفيما تستمر عمليات الاحتجاج تواترت الأنباء عن تعرض عدد كبير من السجناء وذويهم في سجني أبو زعبل والقطا لمجزرة أوقعت عشرات القتلى. * وقال شاهد عيان وهو شقيق لأحد السجناء للجزيرة إن 172 قتلوا وجرح 203 من سجناء سجن القطا في الجيزة إثر إطلاق ضباط الشرطة الرصاص عليهم بعد ما أشعل مساجين القسم الجنائي النيران فيه، بالتزامن مع زيارة أهالي المساجين لذويهم. * وأكد الشاهد أن الضباط أطلقوا الرصاص والقنابل على الآلاف من الأهالي الزائرين، ما أسفر عن مقتل أحدهم وجرح أربعة آخرين، بينما كان الأهالي يهتفون لتحرير ذويهم. وقام الضباط بإطلاق الرصاص بأنفسهم -وفق شاهد عيان- بعد أن رفض أفراد الشرطة أوامر الضباط بإطلاق النار على المساجين والأهالي، وكان السجناء منعوا من الأكل والماء والكهرباء، وتعرضوا لإطلاق النار. * وإلى حد الآن تعجز منظمات حقوق الإنسان عن إعطاء رقم محدد لعدد الضحايا في صفوف المتظاهرين المصريين، وفي صفوف المساجين في ظل التعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطات المصرية، غير أن العديد من التصريحات الصادرة عن شخصيات مصرية معارضة، تؤكد أن عدد القتلى بالآلاف باحتساب الأرقام المرعبة التي أعلنت عنها المستشفيات التي استقبلت الجثث بالعشرات في القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها من المدن التي شهدت ما يشبه أعمال إبادة قام بها رجال أمن بإيعاز من وزارة الداخلية. * المشاهد التي وصفها الصحفيون والتي تشبه ما تخلفه أعمال التصفية العرقية في الدول الإفريقية مثل بورندي ورواندا، ليست مألوفة في العالم العربي وفي مصر تحديدا، غير أن النظام المصري بقيادة حسني مبارك نجح في تجسيدها عبر سحب كل الأجهزة الأمنية وتحويل أفرادها إلى أعمال قنص ونهب وتخريب لتشويه المتظاهرين وإشاعة الخوف وتعميم المطالبات بعودة الدولة لحماية المصريين بعد أن انسحبت بشكل مفاجئ في خطوة قلّ ما يشهدها العالم العربي. *