حذّرت جمعيات مربيي النحل، من مخاطر استعمال العسل المستورد من الصين والسعودية، والمعروض في الأسواق الجزائرية بأثمان تغري وتستدرج الزبائن، وترى هذه الجمعيات أن هذا النوع من العسل "المخدوع" لا يملك أية قيمة علاجية، لكنه يهدد صحة المستهلكين، بالمقابل قررت الغرفة الوطنية للفلاحة، فتح تحقيق لتأكيد أو نفي هذه المعلومات الخطيرة، من خلال إخضاع عينات من "العسل المشبوه" إلى التحاليل المخبرية، فهل كان السوق والمستهلك الجزائري عرضة لسمّ مدسوس في عسل وهل انتهى شهر العسل بالنسبة للعسل السعودي والصيني في الجزائر؟ جمال لعلامي جمعيات مربيي النحل، طالبت -حسب ما نشرته يومية "ليبرتي" أمس، في تحقيق حول عسل "الشفاء" - السلطات العمومية بتمرير العسل المستورد على مخابر المراقبة والتمحيص، وكان المعرض الوطني الذي شارك فيه منتجو العسل ببلدة حمام ملوان، في وقت سابق، قد كشف "بالأدلة الموثقة"، من طرف لجنة بروكسل، العام 2002، عن "المخاطر" الحقيقية التي تهدّد صحة المستهلكين جراء استخدام العسل الصيني الذي يشكل 40 بالمائة من حجم استيراد الاتحاد الأوروبي، بما يمثل 140 ألف طن. وبالنسبة للجزائر - حسب تحقيق الزميلة "ليبرتي" - يأتي عسل "الشفاء" السعودي، في مقدمة العسل "الذي يهدّد صحة المستهلكين"! وهو ما دفع السنة الماضية، مصالح وزارة الفلاحة، إلى إعلان حالة الطوارئ، بعد إنذارات مجموعة من مربيي النحل، ومعلوم أن هذا العسل المعروض في الأسواق الجزائرية منذ مدة وبقوة وإلى غاية اليوم، يُباع بقيمة 450 دينار جزائري للكيلغرام الواحد، ويقول بعض المربّيين والمنتجين للعسل، إن "العربية السعودية ليست بلدا منتجا للعسل وأن العسل المروّج باسمها هو ذو أصل آخر" (...)!، وهو المنتوج المطلوب للتحقيق، بعد اكتشاف "كميات كبيرة من السكر في تركيبته"! عسل "الشفاء" المستورد ظاهريا ورسميا من العربية السعودية، هو حسب ما تروّج له هذه الأخيرة، هو "عسل نحل طبيعي وصافي 100 بالمائة وحاصل على علامة الجودة من هيئة المواصفات والمقاييس السعودية"، وتشير التقديمات والإشهارات السعودية، إلى أن عسل الشفاء يتوفر على عدة نكهات كعسل البرتقال وعسل الغابة السوداء وعسل الأكاسيا وعسل زهرة الليمون والعسل الطبيعي وعسل الرحيق الذهبي. ويؤكد الخبراء، أن الأسواق تمتلئ بأنواع كثيرة من العسل، منها ما هو طبيعي لم تخالطه أية مادة، ومنها ما هو مغشوش تصرفت فيه الأيدي بإضافة السكر الأبيض أو شراب الجلوكوز أو أي مواد أخرى إليه، ولأن العلاج بالعسل يتوقف بالدرجة الأولى على كونه حقيقياً خالياً من المواد الأخرى، لذا ينبغي معرفة العسل الحقيقي وتمييزه عن المزيّف باستخدام عدة طرق، وصفها الباحثون في مقال نشرته مجلة "نيويورك الطبية"، تشمل إذابة مقدار من العسل في خمسة أضعافه ماءً مقطراً، ويترك إلى اليوم الثاني، فإذا احتوى على مواد غريبة، فإنها ستترسب في القاع، أما إذا كان المحلول صافيا، فيعني أن العسل جيداً، أو يمكن وضع كمية من العسل مع كمية من الماء في وعاء على النار حتى يغلي ثم يرفع عن النار ويترك فترة حتى يبرد، ويضاف إليه قليلاً من اليود، فإذا ظهر لون أزرق أو أخضر، فهذا دليل على وجود النشأ في العسل. كما يمكن تمييز العسل عن طريق تذوقه، فإذا ذاب سريعا في الفم، فهذا دليل على سلامته من الغش، وإذا كان طعم حلاوته في الفم واضحة، فهو مغشوش، لأن العسل الطبيعي لا يبقى له طعم في الفم بعد دقيقتين أو ثلاث، ويمكن شم رائحته، فإن كانت ممزوجة بنوع نبتة معينة تغذى منها النحل حسب نوعه، فهو أصلي. ومع عودة الحديث عن تسويق العسل المخدوع في الجزائر، كانت المفوضية الأوروبية، قد رفضت في أفريل 2005، السماح بمرور شحنات العسل السعودي لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، بسبب عدم تسجيل المملكة كدولة معتمدة، ووضعت شروطا لكي تسمح بإضافة السعودية إلى قائمة البلدان التي يسمح لها بتصدير العسل إلى هذه الدول، مما حدا بوزارة التجارة والصناعة السعودية، بوضع ضوابط تسهل عملية نفاذ العسل إلى الأسواق، وقد شملت الشروط الأوروبية، أن يكون العسل المصدّر ذي منشأ سعودي الأصل، ولا يسمح بتصدير العسل المستورد من جانب المملكة بغرض تعبئته وإعادة تصديره. يُذكر أن دراسة اقتصادية لمجلس الغرف التجارية الصناعية، السعودية أشارت إلى أن إنتاج المصانع المرخص لها من وزارة التجارة والصناعة السعودية، يبلغ قرابة 2150 طن وأن المزارع التقليدية والمتخصصة في العسل بلغ عددها - حسب أحدث الإحصائيات - 621 مزرعة في أنحاء المملكة، وإنتاجها السنوي يبلغ 174 طناً، ليصل إجمالي ما ينتج من عسل داخل السعودية إلى نحو 2324 طن. وبينت الدراسة أن الدول العربية، هي أهم مستوردي (العسل السعودي) تليها الدول الآسيوية ثم الإفريقية، وأن إنتاج العسل يواجه عددا من "التحديات" منها عدم وجود الزراعات والأزهار أو كثير من حدائق الفواكه التي تغذي المناحل، بالإضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الطقس والتي تؤثر على المناحل بشكل مباشر.