لا يخلو فصل الصيف من بعض المشاكل الصّحيّة التي تؤرّق الجزائريين وتّنغص راحتهم، بسبب الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة، ومن أهمها على الإطلاق ضربات الشمس التي تُعدّ من الأمور الخطيرة، لأنها قد تسبّب مشاكل عويصة للمُصابين بها إن تأخر الإسعاف، حيث تؤثر أشعّتها بشكل مباشر على الأصحاء و المرضى، وتسبّب لهم مُضاعفات عديدة تصل أحيانا حدّ النزيف الخطير. نادية سليماني وتعجّ المستشفيات بحالات كثيرة تشكو من ضربات الشمس، و نظرا لحساسية هذا الموضوع تنقّلنا إلى بعض مستشفيات العاصمة للإحاطة بالموضوع. في آخر تقرير لمنظمة الصّحة العالميّة، فإنّ أشعّة الشّمس تقتل 60 ألف شخصا سنويا، وغالبية الوفيات تكون بسبب سرطان الجلد، و90 % منها بسبب الأشعة فوق البنفسجية، ووفيات أخرى بسبب الصّفعات الشمسيّة الخطيرة، دون نسيان مرض شيخوخة الجلد وامتلاء العينين بالماء الأزرق وهي جميعها أمراض تنتج عن التعرض المفرط لأشعة الشمس في فصل الصيف. المتخصصون: ضربات الشمس القوية تؤدي لنزيف حاد في المخ فعلى قدر منافع أشعة الشمس، التي توفر الحيوية لأعضاء الجسم، ففيها فيتامين "د" الذي يقي الصغار أمراض الكُساح والشلل، ويساعد على نمو عظامهم، غير أن الأمر إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وقد استقبلت مصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي عددا ليس بالهيّن من المُصابين بضربات الشمس. ففي زيارة لمصلحة أمراض الجلد بالمستشفى، أكد الدكتور بن قايد علي إسماعيل وهو بروفيسور مُتخصص في الأمراض الجلديّة أنّ أغلب مرضاه في هذا الفصل أطفال مُصابون بحروق مختلفة نتيجة تعرّضهم لضربات شمس قويّة، لأن حرارة الجسم تضطرب في حال ارتفاع درجات الحرارة الخارجية المصحوبة بالريح الجاف بنسبة كبيرة مع ازدياد الرطوبة التي تقلل من فعالية العرق في خفض درجة حرارة الجسم. فبعض الأشخاص ينسون أولادهم خاصّة الرّضع على شاطئ البحر، وآخرون يجهدون أنفسهم خلال العمل تحت حرارة الشمس مثل البنّائين والباعة على حافة الطرق وعمال التزفيت، وعائلات تنسى أطفالها داخل السيارات دون تهوية، وبعضهم يبقى داخل البحر لمدة طويلة مُعرّضا لأشعّة الشمس، وقد ثبُت أن أشعّة الشمس تخترق مياه البحر أيضا، وبعض الأسر تنسى أفرادها المُعوّقين أو كبار السّن تحت الشمس، فيُصاب هؤلاء جميعا بما يُسمّى بالعامّية ب"البقلة" وهي ضربة شمس قويّة، من أعراضها الإعياء الحراري والنزيف الأنفي وبعض متاعب القلب المفاجئة مع قوة النبض والغثيان وضيق مجرى التنفس وارتفاع كبير في درجات الحرارة وأوجاع الرّأس والتهاب العين، والتي تؤدّي غالبا لنزيف في المخ إذا تأخر الإسعاف. والتعرّض المُفرط لأشعّة الشمس يُسرّع شيخوخة الجلد والتجاعيد، ويُسبّب احمرارا في البشرة وحُروقا سطحيّة قد تؤدّي في المستقبل البعيد لسرطان الجلد. كما تُؤثر على العينين بتكوين ضباب عليهما. الكريمات لا توفر حماية مطلقة، و"الجين" أحسن حامي من الشمس إذن تبقى الوقاية خيرٌ من العلاج، لأنّه وحسب المُختصّين جميع أمراض الشمس يُمكن الوقاية منها، حيث ينصح البروفيسور بن قايد بالجلوس في الظّل أثناء ارتفاع درجات الحرارة، وارتداء قبّعات وملابس خفيفة خاصّة على شاطئ البحر لأنّ ترك الرّضع والأطفال عُراة فيه خطر كبير عليهم. تبليل الرّأس أو وضع مناشف مُبللة عليه وشُرب السّوائل بكثرة على الأقل رتلين يوميّا والاستلقاء تحت الشمس لمُدّة 15 دقيقة مرتين في الأسبوع فقط مع عدم التعرض لها في الفترة المُمتدّة من العاشرة إلى الرّابعة مساء وحماية البشرة بالكريمات و المُداومة عليها حسب نوع البشرة، ولكن يجب التحذير أنّ هذه الكريمات لا تُوفّر حمايةً مُطلقة حتى وإن كانت أجنبيّة الصّنع وغالية الثمن، وشعار-الحماية الكاملة- الذي يُروّجه مُنتجوها إنّما هو صفقة تجاريّة فقط لشدّ الأنظار، فيجب الاحتماء من أشعّة الشمس تحت المظلات بعد وضع الكريمات، لأنه من الأحسن أن تكون الحماية طبيعيّةً. ارتداء نظارات شمسيّة، وينصح بعدم تعرّض أصحاب البشرة البيضاء للشّمس طويلا لأنّ بشرتهم حسّاسة، لانعدام عنصر الميلانين فيها الذي يُعطي اللّون للبشرة، والذي يُعتبر حاجزا للوقاية من أشعّة الشمس، خاصّة الأشعة فوق البنفسجية "أ"و "ب"، ارتداء ملابس مُلوّنة فالأبيض يحمي من الحرارة، والألوان القاتمة كالأسود والأزرق تحمي من الأشعة فوق البنفسجيّة، وحسب البروفيسور بن قايد يُعتبر لباس "الجين" أحسن حام من الشمس، لأنّه يمنع توغّل الأشعّة للجسم. كما لا تجب المبالغة في وضع الزيوت عند الذهاب إلى الشواطئ، وفي حالة الإصابة بضربة الشمس، يجب وضع المصاب في مكان بارد وخلع ملابسه قدر الإمكان،استلقاؤه ورأسه مرفوعة، واستخدام مروحية هوائية لتهويته، وعمل حمام أو كمادات باردة أو وضعه في ماء مثلج، وتدليك الأطراف لتنشيط الدورة الدموية وعدم إعطائه أي مسكنات، وتجنّب تعريضه للحرارة مرة أخرى. حالات الإصابة بضربات الشمس منخفضة هذه السنة بعدها توجهنا لمستشفى بني مسوس، وقصدنا مصلحة طب الأطفال، فلاحظنا عدم وجود مصابين بضربات الشمس، فربما يعود الأمر لزيادة الوعي الصحي لدى الوالدين، فحسب البروفيسور حيرش خيرة وهي أستاذة في طب الأطفال أن حالات الإصابة بضربات الشمس منخفضة هذه السنة بالمقارنة مع السنة الفارطة التي سجلت فيها حالات إصابات كثيرة. فأغلب مرضاها الأطفال في هذه الصائفة هم مصابون بإسهال نتيجة تسممات أغلبها ناتج من عدم غسل الفواكه والأكل خارج المنزل، وقد صادفنا أثناء وجودنا بالمصلحة أطفالا مصحوبين بأهاليهم منهم المصابون بالحساسية وحالتان بالإسهال المصحوب بالدم ولقد استبعدت البروفيسور حيرش أن يكون تيفوئيدا. ويجب التأكيد في الأخير بأنّ الاحتماء من أشعة الشمس لا يجب أن يقتصر على فصل الصيف فقط، لأن في الجزائر عشرة أشهر مشمسة، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.