ما هي العلامات التي تشير إلى دخول موسم العطلة الصيفية في الجزائر؟ * يمكن للمسافر أن يرى أول علامة لحلول العطلة الصيفية في المطارات التي تسودها فوضى عارمة في هذا الفصل. وكانت الفوضى هذه السنة في الموعد، بسبب إضراب من طرف الموظفين العاملين في الطائرات الذين شنوا عملية احتجاج تبدو روتينية بالنسبة لهم. وقد اضطرت شركة الخطوط الجوية الجزائرية إلى إلغاء عشرات الرحلات، وأرغمت آلاف المسافرين على المرور بتجربة مريرة، في جو من الفوضى امتدت إلى مدن أوربية وعربية انتظرت طويلا طائرات الجوية الجزائرية. * وأكد الإضراب للمدير الجديد للشركة أنه لا يكفي الإعلان عن مشروع ما لحل مشاكل الشركة. ولا يكفي انتقاد المدير السابق لتجاوز أشهر بل سنوات من التسيير الفاشل. وتعلم المدير الجديد الذي قال أنه سيعيد بناء الشركة، تعلم أن الكلام في غير محله يؤدي مباشرة إلى الكارثة. * وبالنسبة لمن لا يسافر ولا يتردد على المطارات، فإن علامة حلول الصيف تظهر في الإدارة. وفي هذا العالم، لا نكتفي بالقول إن الكل في عطلة، بل يجب القول إن الكل معطل. ومعروف عن الإدارة أنها تعمل بالبركة في الأوقات العادية، لكن لما يغيب مسؤول ما أو موظف مختص، فإن العمل يتوقف تماما، ولا بد من انتظار عودة الرجل الذي سيمضي على الوثيقة أو يفصل في الموضوع قبل أن تعود الحياة إلى الإدارة. * وفي المدن الداخلية، فإن موسم الصيف يعلن وصوله عن طريق انقطاع الكهرباء. ورغم خطاب شركة سونلغاز ومديرها العام الذي يؤكد أن إنتاج الكهرباء كاف، ورغم خطاب الإطارات حول استعداد الشركة لتصدير الطاقة، فإن عملية عزل بعض الأحياء والمناطق أصبحت روتينية، لا مفر منها. وقد عاش أحد أحياء العاصمة انقطاعا للكهرباء دام أكثر من ست ساعات يوم الثلاثاء الماضي.. * ولم تتعلم سونلغاز كيف تواجه هذا الوضع رغم التجارب المريرة. وقد عرفت مدينة أولاد جلال في ولاية بسكرة هذا الأسبوع عملية احتجاجية تم خلالها حرق مقر شركة سونلغاز.. وفي ماض قريب، تم تخريب عدة منشآت في مدينة أخرى بسبب انقطاع الكهرباء أثناء مباراة في كرة القدم، لكن سونلغاز لا تريد استخلاص العبرة.. * لكن أجمل علامة تعلن عن حلول موسم العطلة تأتي من طرف أصحاب الخطاب حول السياحة.. وإذا سمعتهم، تتأكد أننا دخلنا موسم العطلة حقا، وأن البلاد معطلة حقا.. هؤلاء، سواء كانوا إطارات في الوزارة أو مسؤولي مؤسسات مختصة في القطاع أو كانوا متعاملين وخبراء، فإنهم يجمعون على صنع خطاب رائع يشرح لنا ما تتوفر عليه الجزائر من مناظر خلابة، مما يجعلها من أجمل، بل أجمل البلدان في العالم.. * ويؤكد القوم أن السلطات المختصة قد اتخذت كل الإجراءات الضرورية لضمان قضاء موسم سياحي في أحسن الظروف. ويضيف أكثرهم وطنية أن تونس والمغرب وتركيا وغيرها من البلدان السياحية مثل إسبانيا وفرنسا، يضيف أن كل هذه البلدان لا تكسب ما تكسبه الجزائر لو توفرت الإمكانات.. وهو نفس الخطاب الذي سمعته السنة الماضية والسنة التي قبلها وقبل خمس سنوات من طرف نفس المسؤول.. * ويؤكد لنا هؤلاء أن الأرقام تشير إلى ارتفاع منتظر لعدد السائحين في البلاد.. ولما ينشرون أرقامهم حول حصيلة الموسم السياحي، نفهم أنهم يعتبرون أولئك الشباب الذين يسافرون من سطيف إلى بجاية على متن حافلة في الصباح ليعودوا بعد الظهر بعد أن استهلكوا ساندويتش "أوملات فريت" omelettes - frites، يعتبرونهم سائحين.. ويعتبرونه سائحا ذلك الشاب الذي يسافر من مدينة شلف إلى تنس ممتطيا دراجة نارية وحاملا معه صديقه وبطيخة.. كما يعتبرونهم سائحين أولئك الآلاف من الجزائريين الذي ينتقلون كل يوم إلى سيدي فرج ليتجولوا في موقف السيارات قبل أن يزوروا الأستاذ، صاحب أشهر مطعم في المكان، ثم يعودون إلى بيوتهم بعد أن نال منهم التعب وأرهقهم البحث عن شيء اسمه السياحة..