من محاسن الصدف، أن تتقاطع المحاكمة التاريخية بين جريدة "الشروق" والرئيس الليبي معمر القذافي، في ذكرى إندلاع الثورة التحريرية ضدّ المستعمر الفرنسي، وستكون اليوم محكمة حسين داي، قبلة لمتابعة المتضامنين مع "الشروق اليومي" خصوصا والصحافة الجزائرية عموما، في أول قضية من نوعها في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث قرّر "الأخ" العقيد رفع دعوى قضائية ضدّ "الشروق"، بعد إتهامها "بالمساس بأمن الدولتين وحسن العلاقات بينهما"!. سبب مقاضاة قائد الثورة الليبية وصاحب الكتاب الأخضر، ليومية "الشروق"، هو التحقيق الذي نشرته هذه الأخيرة، حول ملف التوارق وأكذوبة "الدولة" الوهمية التي دعا إليها الرئيس الليبي بالصحراء الكبرى، ومثلما تلقت "الشروق" برقيات ومكالمات التضامن والتأييد من هيئات وطنية ودولية ناشطة في مجال حرية التعبير والصحافة، فإن "الأخ" القذافي مشكور على "تصرفه الحضاري"، وثقته في العدالة الجزائرية، وكذا إسهامه الجليل في "تدويل" قضية "الشروق" وتوسيع أسهم إنتشارها إقليميا وعربيا، من باب أن كلّ محظور مرغوب!. ستقف اليوم "الشروق" امام سلطة العدالة الجزائرية، وهي واثقة أنها لم "تهدد أمن ليبيا"، لأنها ببساطة كشفت خيوط "مؤامرة" لضرب أمن وإستقرار ووحدة الجزائر، وهي بذلك رفضت أن تلعب دور "شاهد ما شافش حاجة"، وأدت واجبا إعلاميا ووطنيا مقدسا، ومارست حقها في الإبلاغ عن "مخطط" يهدد النظام العام للبلاد، عبّر عنه معنيون مباشرة بملف "تقسيم الصحراء" وتفتيت المجموعة الوطنية. قضية "الشروق" مع القذافي، هي قضية رأي عام وطني، وقبل أن تنشر "الشروق" تحقيقها المرفق بشهادات عدد من أعيان التوارق، كانت الصحافة العالمية قد نقلت أخبارا عن "إجتماع" القذافي، ودعوته إلى تحقيق "الحلم الشعبي" بإنشاء "فيدرالية أعيان الصحراء"، وموازاة مع ذلك لم تتردّد الجزائر على لسان وزير الخارجية، عن التنديد ضمنيا بمبادرة القذافي مع الدعوة إلى إحترام سيادة الدول، وعليه فإن تحقيق "الشروق" لم يكن إلا تحصيل حاصل، ومن زاوية تنوير القرّاء وتزويدهم بمعلومات تكميلية وتوضيحية في إطار خدمة حقهم في الإعلام. "الشروق" وهي تمتثل اليوم أمام عدالة بلادها، في "مواجهة" قضائية مفتوحة مع رئيس دولة جارة وشقيقة، راضية عن نفسها وأدائها وإحترافيتها، التي حصدت من ورائها التقاضي مع الرئيس الليبي، معمر القذافي، الذي سيكون ممثلا بهيئة دفاع وغائبا عن محاكمة نوعية، ستحضرها "الشروق" بمديرها العام وصحفيتها "المتهمة" من طرف "الأخ" العقيد، الذي جنى على "الشروق" ولم تجن عليه!، وستقف "الشروق" أمام سيادة القاضي، وهي معززة مكرمة برصيد من 200 ألف قارئ يوميا، كسبته الجريدة بملفات وتغطيات وطنية ودولية جريئة وذات مصداقية. جمال لعلامي