لم تكن الرسالة التي بعث بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى العقيد الليبي معمر القذافي قبل أسبوعين احتفالا بذكرى الفاتح سبتمبر، لتنهي الأزمة الصامتة مع الجزائر منذ أفريل 2005 عندما أطلق الزعيم الليبي معمر القذافي مشروع إقامة "فيدرالية أعيان التوارڤ" في جنوبالجزائر وشمال مالي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف في مدينة تومبوكتو المالية. لكن طرابلس حاولت منذ ذلك التاريخ استيعاب رد الفعل السلبي لزعماء الطوارڤ وحدة المواقف المعلنة المستهجنة لمشروع الزعيم الليبي من طرف الجزائر ومالي والنيجر، وإعادة "تطبيع" العلاقات الجزائرية - الليبية بعد الخلافات الصامتة التي أثارتها تصريحات القذافي ضد الجزائر. عثمان لحياني وهو ما دفع بالعقيد الليبي الى إرسال عدد من المسؤولين الليبين إلى الجزائر في محاولة لاحتواء الأزمة، حيث وصل مبعوثه الخاص أحمد قذاف الدم إلى الجزائر حاملا رسالة إلى الرئيس بوتفليقة في زيارة كانت تهدف الى توضيح الموقف الليبي، والتي تلتها زيارة وزير الداخلية الليبي اللواء صالح رجب المسمري الى الجزائر في شهر جويلية الماضي، والتي دامت ثلاثة أيام انتهت بالتوقيع على اتفاق تعاون أمني بعد اجتماع اللجنة الجزائرية - الليبية الموسعة الخاصة بالأمن تحت إشراف وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين يزيد زرهوني ونظيره الليبي اللواء صلاح رجب المسمري، الذي أعلن آنذاك التزام طرابلس بالتعاون مع الجزائر في مجال الأمن لزيادة تأمين المنطقة الحدودية. ويتعلق هذه الاتفاق بالتنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب والإجرام والتهريب والهجرة غير الشرعية وتنقل الأشخاص" ويهدف الى تعزيز العلاقات الثنائية، سيما في مجال الأمن. كما تم تنصيب مجموعات عمل لمتابعة تنفيذ الاتفاق الأمني. وقد دخل التعاون الأمني بين الجزائر وليبيا مرحلة متقدمة بعد موافقة الجزائر استقبال عدد من الإطارات الليبية للاستفادة من تدريبات في مجال الشرطة العلمية كمكافحة المخدرات والمتفجرات والحرائق والبيولوجيا الشرعية والبصمة الوراثية والوثائق، بعد اعتراف ليبيا المسؤول الليبي بالإنجازات العلمية التي حققتها الجزائر في المجال الأمني وقال المسمري خلال تلك الزيارة إن هذه العملية تندرج في إطار التعاون القائم بين البلدين وبذل الجهود من أجل رفع التنسيق في مجال تأمين الحدود وتنقل الأشخاص ومكافحة الجريمة المنظمة بجميع أشكالها والمتاجرة بالمخدرات والمواد المهلوسة، وقد اتخذت جملة من الإجراءات تتعلق بتفعيل اللجنة المشتركة للأمن، وإنشاء لجنة متابعة لتنفيذ اتفاق التعاون الأمني. وفي نفس السياق سعت الجزائر وليبيا الى مواصلة رسم الحدود المشتركة، خاصة بعد رفض الجزائر لقرار السلطات الليبية حفر عدد كبير من الآبار الإرتوازية من أجل ضخ المياه الجوفية المتواجدة على الحدود المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس، ليتم نقلها عبر خطوط الأنابيب من واحات غدامس في الجنوب الغربي نحو الجماهيرية الليبية، حيث سارعت السلطات الجزائرية الى مطالبة السلطات الليبية وقف المشروع، وتمكنت من إقناع تونس وليبيا بإنشاء مركز مراقبة لاستغلال هذه المياه التي تملك الجزائر أكبر مساحة تتواجد فيها هذه المياه. العلاقات الجزائرية - الليبية مازالت تحتكم الى تصريحات وسلوكات سياسية غير مبررة من طرف الزعيم الليبي ضد المصالح الجزائرية، على الرغم من المواقف الدبلوماسية الجزائرية المساندة للجزائر سنوات الحصار الاقتصادي على طرابلس ومساعي الجزائر لتحسين علاقاتها بدول المغرب العربي والتنسيق في كل القضايا والملفات ذات الاهتمام الإقليمي.