تؤكد تصريحات زعيمات قبائل "التوارڤ" بتهڤارت، تيمياوين، تنزاوتان، عين ڤزام.. مجددا "مؤامرة" الزعيم الليبي معمر القذافي ورهانه على النساء باعتبار المرأة تتمع في المجمع التارڤي بالسلطة، وهي "رب البيت" وصاحبة الرأي والقرار. قبل أشهر، جمع الزعيم الليبي نافذات تارڤيات في حفل بباماكو، ومنحهن مصوغات ذهبية وفساتين فخمة ومالا، مقابل التمرد على بوتفليقة، ليأتيه الرد سريعا في جلسة شعرية قلن فيها "كلقماشق كرهان بوتفليقة ياسر" بمعنى أن التوارڤ يحبون كثيرا بوتفليقة ومرتبطين به معلنين جزائريتهم، وأن حل مشاكلهم لا يكون إلا عن طريق الحكومة الجزائرية. ويبقى المجتمع "التارڤي" على صعيد آخر، متميزا بتقاليده وعاداته، ولا يزال يؤمن بالطبقية وأنه لا يمكن المساواة بين "التواج" و "الحراطنية" أو "السوادين" وهم عبيد التوارڤ الذين يمارسون اليوم حياتهم بصفة طبيعية ويركزون على تعليم أبنائهم.. مبعوثة "الشروق" إلى تهڤرت: نائلة. ب إلتقيت "لالة" بمقر "إقامتها" داخل خيمة بسيطة جدا بمنطقة "حاسي لالة" نسبة إليها، وتعني "بئر لالة" حيث يتواجد بئر لتموين المدينة، وتعتبر "لالة بادي" سلطانة توارڤ الأهڤار، هي امرأة جميلة وقوية رغم تقدم سنها وتجاوز عمرها 72 سنة، تتقن الحديث بالعربية وبعض العبارات بالفرنسية إضافة إلى "التارڤية"، استقبلنا بحفاوة واكتشفنا خلال اللقاء الإنسان.. في الصحراء، في التوارڤ وفي الجنوب الكبير. كان يجب في البداية تناول الشاي، ومن الأعراف السائدة لدى التوارڤ وسكان تمنراست عموما تناول ثلاثة كؤوس، الأول يكون مركزا جدا، ولا يمكن الرفض، لأنها تعتبر إساءة وإهانة لهم، وأعترف أني كنت سأتجاوز هذه "القاعدة" بتناول أكثر من ثلاثة لذوقه المتميز. إستهلنا الحديث عن تقاليد التوارڤ وعن المرأة والثقافة وطبيعة الحياة، أخبرتنا "لالة" أن التوارڤ في تنقل دائم، ويفضلون في الخريف الاستقرار في الصحراء لانخفاض درجة الحرارة، وهناك تبادل زيارات وعلاقات ودية بين مختلف توارڤ الجزائر وأولئك المتواجدين بالنيجر ومالي، لكنها تؤكد على جزائريتها وأن قبل أن تكون تارڤية "أعتبر نفسي جزائرية" لتعرج الحديث عن مشروع "تارڤستان" ومؤامرة الرئيس الليبي، كانت ابنة عمها "أنسيهة" متواجدة في الخيمة، رأيتها لحظات تذرف دموعا، وعلمت لاحقا أنها كان مستاءة من قصيدة شعرية فيها هجاء للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. قولوا لمعمر: "التوارڤ ليسوا للبيع" "أنسيهة" تارڤية من مالي، كانت تقيم رفقة شقيقاتها هناك، وتتنقل في زيارة لأبناء عمومتها في الجزائر والنيجر، تفاجأت قبل حوالي 3 أشهر، بدعوة من الرئيس الليبي معمر القذافي لبعض "التارڤيات" الفنانات أغلبهن من الجزائر ومالي "وأنا كنت إحداهن على اعتبار أني شاعرة وعضو في جمعية ثقافية تحيي حفلات داخل وخارج الوطن، لكني رفضت الدعوة لأني لم أرتاح لها.. وخصصت طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية نقلت النسوة، هناك استقبلن "بحفاوة" من طرف "ممر" كما يدعوه "التارڤيون" وعدن بمصوغات ذهبية، وأموال، وكثير من لباس تسنسن (الزي التارڤي) وأدركنا بعدها خلفية هذه الهدايا.." وتضيف أنسيهة إنه "تم بعد ذلك تنظيم حفلة كبيرة بباماكو بمالي بإشراف العقيد القذافي، وشاركت فيها "فنانات" تارڤيات من مختلف القبائل ودول الجوار، وهناك تفننت شاعرة من مالي كانت قد حظيت بزيارة القذافي وهداياه في مدح الزعيم الليبي مقابل انتقاد الرئيس بوتفليقة ودعوة التوارڤ إلى التمرد وتأييده مخطط القذافي، وتسرب ذلك إلى توارڤ الجزائر الذين استاءوا مما وصفوها ب "الدناءة" فقامت "أنسيهة" بإلقاء قصيدة أخرى للرد على "الظلم" مؤكدة أن "التوارڤ" مرتبطون بالدولة الجزائرية وببوتفليقة رئيسا لهم "لأنه أنصفنا ورد لنا الاعتبار في الجزائر ومالي والنيجر". وتتدخل سلطانة التوارڤ لتؤكد أن "الدولة الجزائرية تحت رئاسة بوتفليقة تكفلت بملف "أزوات التوارڤ" كما لم تفعل أية دولة ولن يتم تحريكنا ضد دولتنا بل سنكون أول من يحميها.. قولوا ذلك للرئيس، التوارڤ فحولة ولا ينسوا الخير، ومن يمس رئيسنا بسوء سنتصدى له، وقولوا لمعمر إن التوارڤ لا يبيعون دولتهم بحفنة مال.. راه غالط" لأنه عجز ولن ينجح أبدا.. "الحراطنية يظلون عبيدا" وعددت "لالة" الامتيازات التي استفاد منها التوارڤ من تكفل على جميع الأصعدة، وإن يبقى محدودا "لكن مشاكلنا هي نفسنا التي يعاني منها أهل الجنوب". "لالة" ترأس جمعية "ذكريات" الثقافية منذ عام 1974، أحيت حفلات في فرنسا، بلجيكا وإيطاليا "أنا سفيرة الأغنية التارڤية" قبل أن تبتسم "أحمل العلم الجزائري وأمثل الجزائر في مختلف المحافل.. أنا جزائرية فخورة بذلك وخاصة ب "الشيباني" (رئيس الجمهورية) والقذافي طز فيه هذه المرة" وانفجرت ضحكا في الجلسة. وتدخلت آمنة، ابن شقيقها وسكرتير الجمعية، لتؤكد أن "التوارڤ" يتمتعون اليوم بحق التعليم، "وهناك تارڤيين يتواجدون في الجامعات والمعاهد، ولديهم نفس حقوق الآخرين" لكنها تشير إلى أن هؤلاء "حراطنية" وهم عبيد في الواقع يعملون لدى التوارڤ البيض أو ما يعرف ب "التواج" أما "الحراطنية" أو "السوادين" فهم سود البشرة ويعملون لدى هؤلاء، وبعد عتقهم وتحريرهم، ظلوا يقيمون بتمنراست، لكنهم يركزون على تعليم أبنائهم "ويشغلون اليوم مناصب إدارية" و"الحراطنية" إهانة وإساءة لهؤلاء، لأنها تعني "توارڤ غير أصليين"، ولا يزالون أسرى النظرة الضيقة التي تصنفهم ضمن العبيد الذين يعملون لدى الدولة والخواص، أما التوارڤ فلديهم نشاطات تجارية وأغلبهم تجار جملة ومالكي عقارات. لكن "الحراطنية" الذين التقيناهم، يشددون على جزائريتهم وعلى تمتعهم بحقوقهم كاملة كمواطنين وأن زمن العبودية قد ولى، لكنه واقعيا يبقى قائما في ظل الفقر والبطالة، ويفضل هؤلاء "العبيد" رغم تحريرهم، الاستقرار مع مالكيهم لضمان قوت يومهم وعملا قارا..