يبدأ، اليوم، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في زيارة إلى ليبيا تستمر يومين، حيث سيشارك في القمة الإفريقية الاستثنائية. الرئيس بوتفليقة سيشارك في احتفالات الذكرى الأربعين لتولي القذافي الحكم، وهي الاحتفالات التي تزامنت مع القمة الإفريقية التي دعا إليها القذافي، ولعله ليس من قبيل الصدفة أن تكون الاحتفالات عشية القمة الإفريقية، إذ يسعى العقيد إلى احتفالات مشهدية في ذكرى حكمه الأربعين. الرئيس بوتفليقة سيكون مشاركا في القمة بزيارة رسمية تعد الأولى منذ توليه الرئاسة في العهدة الثالثة، مما يعزز فرضية بعث رسائل سياسية. نفى "الإيليزيه" أن يكون نيكولا ساركوزي من بين المشاركين في الاحتفالات بالذكرى الأربعين لحكم القذافي، وسارع الفرنسيون إلى نفي الإشاعة، دون أي رد ليبي. ولعل أهم الرسائل التي يوجهها الرئيس بوتفليقة ستكون إلى فرنسا، ففي الوقت الذي تتحدث أغلب التقارير الإعلامية عن إلغاء وتأجيل زيارة دولة مفترضة نحو فرنسا، وعن نفي زيارة ساركوزي إلى ليبيا، يقرر بوتفليقة الذهاب إلى ليبيا للمشاركة في قمة إفريقية استثنائية وفي احتفالات الزعيم الليبي بذكرى حكمه. ومن المنتظر أن تكتسي الزيارة أهمية كبيرة، على صعيد التنسيق الأمني، إضافة إلى تناول قضايا إفريقية عالقة في الصومال والسودان،بينما تبقى بعض القضايا العالقة بين الدولتين، وطفى على السطح فرض مبلغ على الجزائريين لزيارة ليبيا وتزامن مع احتفالات الفاتح سبتمبر. وبالرجوع إلى قضية مساجين الجزائر في ليبيا التي أخذت وقتا لم يكن ضروريا، لاعتبارات الجيرة والعلاقات التي تربط البلدين، دون الحديث عن مشاكل ليبيا مع الغرب، وعلى رأسها قضية المقراحي الذي سعت ليبيا قضاءه عقوبته في ليبيا وحصلت على إفراج بريطاني. قضية المساجين لم تعرف حلا يتناسب ومستوى العلاقات. يحسب للعقيد معمر القذافي انتزاعه اعتذارا من إيطاليا على لسان رئيس وزرائها "برلسكوني سيرفيو"، وهو الاعتذار الذي دوت له ليبيا كاملة واحترمه أحرار العالم، وانتزع اعتذارا من سويسرا على لسان رئيسها "هانس رودولف ميرتس"، وإن تلقى انتقادات داخلية وخنقا واضحا في الصحافة السويسرية وأزمة مصغرة داخل البرلمان، أو كما وصفت محليا في سويسرا، وسبق للقذافي أن أثار قضية اعتذار فرنسا للجزائر. ويبدو العقيد معمر القذافي صانعا للجدل بشكل مستمر بعد خفوت قليل، فقد أثار استقباله لعبد الباسط المقراحي حفيظة الغرب مسبقا وسعوا إلى الوقوف ضد استقبال بطولي أو رسمي. ولم يصغ العقيد ونجله، حيث استقبل المقراحي كبطل، وقفز القذافي بعنف على ظهر عمر البشير عندما اعتبر الجنوب السوداني، كيانا غير منسجم مع السودان وقال باستقلاله. القذافي سيدوّن ضمن أهم البراغماتيين العرب، وحتى لو كانت براغماتيته تتعلق أحيانا بمزاجه، فإنها منحت ليبيا في الكثير من المرات ما لم تمنحه حنكة وديبلوماسية دول أخرى.