عادت مؤشرات قوارب الموت الى الواجهة من جديد بعد تراجعها في الأشهر الأخيرة، وخاصة خلال شهر رمضان الكريم، لتعلن مصالح الدرك وحرس السواحل حالة الطوارئ، بعد ما تواترت أخبار كثيرة عن محاولات لشباب يائس للهجرة باتجاه السواحل الإسبانية خاصة، بعضهم وطئت قدماه الميريا، وآخرين نقلوا الى مراكز الحجز، فيما عاد البعض الآخر جثة هامدة... * في حين هدأت الهجرة السرية انطلاقا من عنابة، إذ كاد المهاجرون من السواحل الليبية والتونسية احتلال السواحل الإيطالية، وخاصة جزيرة سردينيا، تزامنا مع الأزمة الليبية، حيث تحركت دول الاتحاد الأوروبي لتشديد الرقابة ووقف زحف سكان جنوب المتوسط. * إحباط محاولة حرڤة 57 شابا وقاصرا من سواحل عنابة نحو جزيرة سردينيا * عاشت شواطئ منطقة فيفي، بالطريق الساحلي بجوار منطقة رأس الحمراء، بعنابة، ليلة أول أمس، عمليات مطاردة حقيقية ومد وجزر وأخذ ورد بين عشرات الشبان الحراڤة كانوا على متن ثلاثة قوارب صيد تقليدية مزودة بمحركات "سوزوكي"، تم السطو عليها واقتناء بعضها من السوق السوداء. * وحسب إفادات شاهد عيان ل"الشروق اليومي"، فإن مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين "حراڤة" يتكونون من 57 عنصرا، غالبيتهم تتراوح أعمارهم ما بين 22 و34 سنة، ومن بينهم 6 قصر، دون السادسة عشرة، اتفقوا على الإبحار نحو جزيرة سردينيا ليلة أول أمس، في حدود الساعة العاشرة ليلا على متن ثلاثة قوارب، لكن بعضهم ممن تراجعوا عن الإبحار بسبب عدم الاتفاق على القيمة المالية، قاموا بإبلاغ وحدات البحرية للناحية الإقليمية لعنابة. * وفور تلقيها البلاغ، تحركت وحدات البحرية نحو منطقة فيفي، المعزولة نوعا ما، ونظرا لأن المنطقة صخرية، ويستحيل على الطوافة البحرية الوصول إليها، قامت باعتراض سبيلهم وتحذيرهم من التوغل في عمق البحر، وبعد أخذ ورد، انسحب الحراڤة نحو الشواطئ الصخرية، محاولين إنقاذ زوارقهم البحرية، لكنهم تفاجأوا بقوات الدرك تحاصرهم من كل جانب، بعد ما اتصلت قيادة القاعدة الإقليمية للواجهة البحرية لحراس الشواطئ بمصالح الدرك الوطني، التي تدخلت على الفور، وقامت بمحاصرة المعنيين ومطاردتهم، ونجحت في توقيف بعضهم. * وتطور الأمر الى مطادرة مطولة ضد آخرين حاولوا الفرار، مستغلين جنح الظلام وصعوبة المنطقة الصخرية، أسفرت عن إفشال وإحباط عملية الحرڤة نحو سردينيا الايطالية، غير أن العشرات منهم، توعدوا بمعاودة الكرّة مرة أخرى باستغلال شاطئ أو وجهة أخرى. * وتعتبر المحاولة مؤشرا لعودة ظاهرة الحرڤة التي اختفت من سواحل مدينة عنابة والمنطقة الساحلية الشرقية للبلاد، منذ قرابة العامين، أو منذ أن سجل عنتر هدفا وحيدا في شباك عصام الحضري، في أعقاب المباراة الفاصلة المصيرية بين المنتخبين المصري والجزائري على ملعب مدينة أم درمان السودانية، وبداية حلم مشوار كأس العالم، الذي انتهى بنكسة كروية يبدو أنها ستعيد المنتخب الوطني إلى الصفر، بعد الأداء الباهت والنتائج الهزيلة المسجلة منذ ذلك التاريخ، خاصة في الفترة الأخيرة. * وكما كانت الرياضة سببا في توقف تدفق الحراڤة نحو ايطاليا شرقا واسبانيا غربا، يبدو أنها سبب غير مباشر في عودة قوافل وجحافل الهجرة غير الشرعية، منذ شهر رمضان الفارط، على مستوى الناحيتين الشرقية والغربية، التي أحصت منذ شهر ونصف تقريبا، إجهاض محاولات "حرقوية" لنحو 290 شاب وشابة، مقابل العشرات ممن نجحوا في الإفلات من الرقابة وتمكنوا من الوصول إلى كل من اسبانيا وايطاليا. * والغريب في الأمر أن عودة الحرڤة جلبت معها فئة أخرى من المهاجرين غير الشرعيين، يطلق عليها اسم "الطيور المهاجرة"، ويتعلق الأمر بالقصر وبعض الأطفال، من أولئك الذين لا يعرفون معنى للحياة لا هنا ولا هناك. * وأمام الفشل الذريع الذي منيت به كل السياسات الحكومية المنتهجة والمقترحة إزاء ظاهرة الحرڤة من وإلى بلادنا، يبدو أن العملية لن تتوقف، وأن نزيف شبابنا نحو الخارج لايزال متواصلا، وللأسف حتى شاباتنا وأطفالنا اقتحموا هذه الظاهرة.. وبقوة؟! * * وصول 60 حراڤا من تيارت إلى الميريا الإسبانية * وصل، صباح السبت الماضي، 60 حراڤا ينحدرون من تيارت، الى مدينة الميريا الإسبانية، قادمين من منفذ بحري على دوار بلقايد في ولاية وهران، منهم فتاة في العشرين من العمر وطفل أقل من 15 سنة، حسب مصدر عليم نقلاً عن الحراڤة أنفسهم. * وقال ذات المصدر، في اتصال ب"الشروق" أن الحراڤة، الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و22 سنة، قطعوا البحر عبر 3 أفواج متساوية العدد، حيث ركبوا الأمواج ليلة الخميس إلى الجمعة على الواحدة بعد منتصف الليل، بعد أن وصلوا إلى مكان الانطلاق على دفعات عبر سيارات "كلونديستان" نقلتهم من أحيائهم في مختلف أرجاء مدينة تيارت، منهم فتاة عمرها 20 سنة من حي مؤسسة ترقية السكن العائلي وطفل عمره أقل من 15 سنة. * وأكد المصدر أن أقاربه على متن الرحلة أبلغوه بوصول الجميع سالمين، إلا أن بعضهم تم توقيفهم من طرف أمن منطقة الميريا، وأودعوا في مركز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، فيما هرب الباقي إلى أماكن أخرى.