شهد العام 2009 صدور العديد من التشريعات في كل من الجزائر وإيطاليا وإسبانيا تشدد على مراقبة ومعاقبة الهجرة غير الشرعية، أو ما أصبح يعرف لدى العام والخاص ب''الحرفة''• هذه الدول معنية مباشرة بالظاهرة، سواء كبلدان مصدر أو بلدان استقبال، حيث أصبحت الظاهرة تشكل الرقم الصعب للعديد من الدول في معادلة الاستقرار والأمن وحقوق الإنسان، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتي عصفت باقتصاديات الدول المستقبلة للمهاجرين• صادق البرلمان الجزائري بغرفتيه شهر فيفري 2009 على قانون جديد يتم بموجبه تجريم المهاجرين السريين ''الحرافة''، وكل شخص يغادر التراب الوطني بطريقة غير شرعية، حيث أملت السلطات بهذا القانون أن تقضي تماما على تدفق سيول الحرافة انطلاقا من الشواطئ الشرقيةوالغربية للوطن، باتجاه كل من جزيرة سردينيا الإيطالية والسواحل الجنوبيةالشرقيةلإسبانيا، وتزامن ذلك مع تنسيق أوروبي حول الهجرة، وخاصة إسبانيا، فرنسا وإيطاليا، لكبح جماح الظاهرة المتزايدة، سواء كانت شرعية أم سرية، حتى أن جهات حقوقية في هذه الدول استنكرت الإجراءات المشددة التي تعاقب بالسجن والطرد دون مراعاة ظروف وأسباب الهجرة الحقيقة في الدول المصدرة لها• وقد تراجع عدد الحرافة الذين وصلوا إلى سواحل جزيرة سردينيا الإيطالية خلال العام ,2009 حيث انخفض العدد من أكثر 1600 حراف عام 2008 إلى قرابة 300 في العام ,2009 وذلك وفقا للأرقام الرسمية التي قدمتها وزارة الداخلية الإيطالية على موقعها الإلكتروني، إلا أن العدد لا يعبر عن تراجع الظاهرة على السواحل الشرقية، بدليل المئات من الشباب الذين أوقفتهم فرق حرس السواحل التابعة للبحرية الوطنية على طول شواطئ عنابة والقالة• ولم يختلف الوضع كثيرا على السواحل الغربية للوطن، حيث شهدت نشاطا مكثفا ومنظما لقوارب الهجرة السرية باتجاه السواحل الجنوبيةلإسبانيا، وعرف وصول أكثر من ألف مهاجر سري جزائري إلى سواحل الأندلس بجنوبإسبانيا، إضافة إلى جزيرة بالما دي مايوركا بجزر الباليار، وهو ما مثل حوالي 65 بالمائة من الحرافة الذين وصلوا إلى سواحل جنوبإسبانيا وفق أرقام رسمية قدمتها وزارة الداخلية الإسبانية شهر نوفمبر الماضي، دون احتساب المئات من الحرافة الذين تم اعتراضهم على طول السواحل الغربية للوطن، من طرف فرق البحرية الوطنية، وعشرات المفقودين الذين ماتوا غرقا في عرض البحر• والملاحظ خلال العام 2009 أن قوارب الحرافة ظلت نشطة ومستمرة منذ بداية العام، مع فترات متقطعة بين الحين والآخر، وإلى غاية شهر نوفمبر الماضي، حيث توقفت قوافل الحرافة ومن دون سابق إنذار ولقرابة الشهرين، في موقف احتار له الجميع، وحتى منظمو رحلات الموت أنفسهم• والسبب كان واضحا وعلمه الجميع، فالشباب الجزائري تولد له أمل جديد لم يتجسد في مشاريع تنموية تقضي على البطالة والتهميش، بل في الفريق الوطني لكرة القدم، خاصة بعد الاعتداء على حافلة المنتخب الوطني بالقاهرة وبعدها مباراة الخرطوم، وقرار السلطات العمومية بدعم المنتخب ونقل الأنصار إلى السودان، وهو الذي أحيا حب الوطن في الشباب من جديد، وأعاد حلقة الوصل التي كانت مفقودة بين الشباب الجزائري ووطنه، والتفافه حول الراية الوطنية في مشهد لم ير له مثيلا منذ الاستقلال• لكن الملاحظ أن انتصارات ''الخضر'' أجلت الحرفة إلى حين وفقط، وكبحت جماح الحرافة ولو لوقت قصير، ونجحت فيما فشلت فيه التشريعات والعقوبات• والأكيد أن الأمر المسلم به هو أن القضاء على ظاهرة ''الحرفة'' يتعدى مباراة كرة القدم، بدليل تسجيل فرق حرس السواحل الإسبانية وصول أكثر من ثلاثين مهاجرا سريا جزائريا شهر ديسمبر، واعتراض أكثر من 20 حرافا قبالة سواحل وهران