لم تمض ساعات على كلمة العقيد القذافي عبر فضائية "الرأي" حتى بدأ ثوار ال 17 فبراير في رسم آخر فصول الثورة الليبية ضد نظام حكم الليبيين لأربعة عقود بالحديد والنار، حيث بدأت أمس ساعة الحسم من بعض شوارع وأزقة مدينة سرت معقل القذافي، بمعارك ضارية، تحاول فيها كتائب الطاغية فك حصار الثوار المفروض منذ منتصف الشهر الفائت، فيما تأكد فرار المعتصم ابن القذافي من مدينة سرت باتجاه الجنوب، وسجل التحاق العشرات من أتباع سيف الإسلام المتحصن في بني وليد بصفوف الثوار. * شنت القوات الموالية للمجلس الوطني الانتقالي الليبي هجوما موسعا على مدينة سرت آخر معاقل معمر القذافي بعد ساعات من دعوة الرئيس الليبي المخلوع في تسجيل صوتي بثته قناة "الرأي الليبيين إلى التظاهر بالملايين ضد المجلس الوطني، حيث شهدت مدينة سرت حرب شوارع دموية قالت بشأنها قيادة الثوار بأنها "الهجوم الأخير" على مسقط رأس القذافي المحاصرة، حيث تواصلت عمليات القصف الكثيف عند مركز واغادوغو للمؤتمرات الذي كانت تعقد فيه القمم الإفريقية وبات اليوم معقلا وحصنا لكتائب القذافي، وتصاعدت أعمدت الدخان من عدة مواقع في المدينة وسط أصوات الرشاشات والانفجارات وسط تحليق مكثف لطائرات النيتو، ونقل عن أحد مقاتلي المجلس الانتقالي قوله "إنهم تعرضوا لإطلاق القذائف الصاروخية من كل مكان، ومن دون غطاء جوي" كما شهدت جامعة سرت ومحيطها اشتباكات بين الثوار وكتائب القذافي. * وعلى الرغم من انحسار المعارك بين مدينتي سرت وبني وليد، إلا أن سرت "مسقط رأس القذافي" هي المعقل الأخير، وإن سقوطها القريب سيحسم المعركة لصالح الثوار وينهي آخر فصول الثورة في ليبيا، حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية التي نقلت عن أحد مقاتلي الثوار "نريد أن ننتهي من هذه المعركة بسرعة والقضاء على القذافي بشكل نهائي"، مضيفاً: "لقد قمنا بعدة محاولات فتح الطريق القريبة من موقعنا والمؤدية إلى المستشفى لإجلاء المدنيين، لكن هناك الكثير من القناصة. وأشار إلى أن مقاتلي القذافي لم يعد لديهم شيء "ليس لديهم وقود لسياراتهم، ويقاتلون لمجرد البقاء على قيد الحياة". * وبدت مدينة سرت حسب شهورد عيان شبه خالية، لا يوجد ماء أو كهرباء أو وقود، فالناس الذين يأتون من سرت -بما في ذلك الفارون - يقولون إن الأسعار مرتفعة بشكل جنوني وكل شيء باهظ، حتى ولاعة السجائر تكلف أربعة دولارات، وبينما فر الكثير أو يحاولون الفرار من القصف في سرت، لن يتمكن كل هؤلاء من الخروج من المدينة قبل أن تنفذ قوات الحكومة الجديدة هجومها النهائي، خصوصا وأن القوات الموالية للقذافي باتت محاصرة في سرت وبني وليد وهي تحتمي بين السكان مما يجعل غارات الحلف الأطلسي أقل فاعلية. * ومع احتدام القتال في مدينة سرت دعا العقيد الليبي الفار معمر القذافي في تسجيل صوتي يصعب سمعه بثته قناة "الراي" من سوريا، الليبيين إلى تنظيم تظاهرات بالملايين احتجاجا على المجلس الوطني الانتقالي الذي يسيطر على معظم أنحاء البلاد، وقال العقيد المخلوع الذي لا يعرف مكان وجوده "لا تخافوا من أحد أنتم الشعب وأنتم أصحاب الحق وأنتم أهل البلاد ولا يستطيع أحد أن يسلبكم هذا الحق ويسلبكم ليبيا ويطلق النار عليكم. أنتم تتظاهرون سلميا أمام العالم مدافعين، تشجعوا وانتقموا منهم واخرجوا للشوارع". * من جهة أخرى تحدثت مصادر غربية عن التحاق العشرات من أتباع سيف الاسلام القذافي بصفوف الثوار، وهي العملية التي تعد الأكبر منذ بداية سقوط نظام القذافي، أما شقيقه المعتصم فقد فر من مدينة سرت حيث تدور معارك محتدمة بين الثوار وكتائب القذافي، بحسب متحدث عسكري من الحكومة الليبية، مضيفا أنه يعتقد أنه توجه نحو الجنوب وقال أحمد الباني "إن آخر معلومة وصلت لدينا ليلة أمس بأنه فر منذ يوم الأحد الماضي من مدينة سرت باتجاه الجنوب... قبضنا على أحد المأجورين وأكّد لنا هذا".