بغض النظر عن كون الإضراب الحالي في قطاع التعليم شرعي أو غير شرعي، قانوني أو غير قانوني، استفزازي او غير استفزازي، في صالح المجتمع والتلاميذ أو في غير صالحهم، فهو يأتي إجابة عن الاستفزازات التي أطلقها السيد أحمد أويحيى منذ أسبوع عبر شاشة اليتيمة باتجاه المجتمع والساسة والنقابات المستقلة عندما سئل عن استمرار السلطات في منع هذه النقابات من النشاط وتهميشها ومعاملتها كعدو سياسي واجتماعي، فقال ما معناه أنه يتعامل مع هذه النقابات حسب تأثيرها في القاعدة والشارع، ظنا منه أنها منعدمة التمثيل. * اليوم وبعد أن بلغت نسبة المشاركة في إضراب التعليم أكثر من 90 في المائة وبدون تردد، بل بالكثير من الحماس، ماذا يمكن لأويحيى والنظام الذي يمثله وسياسة النعامة التي يمارسها أن يقول أو يفعل، وهل بقي له من ماء وجه بعد أن سقطت النقابة النظامية أو المركزية النقابة هذا السقوط الحر على الرغم من كل ما أعدته من عراقيل، وما نصبته من فخاخ لعرقلة هذا الإضراب ومنعه من الحدوث؟ بالمنطق البسيط وبحكم أهمية قطاع التعليم الذي يعتبر نموذجا لقطاع الوظيف العمومي والقطاع العام ككل، فإن نقابة السلطة والإدارة او الاتحاد العام للعمال الجزائريين لم يعد يمثل أكثر من 5 بالمائة من العمال والموظفين، بل وقد كان كذلك منذ زمن بعيد، وربما يكون قد نشأ أول منشأ على الكذب والمغالطات والتلاعب بالأرقام. والمشكل ليس هنا تماما، ولكن في ما ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان دوما مجرد مركزية نقابية كما كانت شقيقته جهة التحرير الوطني مجرد جهاز للحزب، ولكن بصلاحيات سياسية واقتصادية وأمنية قمعية لا حدود لها، المشكل في ما ظل هذا الاتحاد يلحقه من أذى في حق المجتمع والاقتصاد والسياسة، حيث رافق ومايزال كل السياسات المأساوية للسلطة إن بالتزكية والمباركة، وإن بالتطبيق بحماسة تتجاوز حماسة السلطة والإدارة ذاتها في كثير من الأحيان. واليوم أمام هذه الحقيقة الساطعة لإضراب التعليم، هل تتعظ السلطة من الدرس وتحاول فك الارتباط بينها وبين المركزية النقابية، على الأقل نظريا وتصريحا مثل ما فعلت مع حزب جبهة التحرير الذي أصبح ولو شكليا حزبا من الأحزاب؟ هل تتوقف عن الكذب والنفخ في جلد هذه النقابة وإعطائها أكثر من حجمها، خاصة وأن هذه السلطة تلوح هذه الأيام بالإصلاحات التي تتناقض تمام التناقض مع استمرار هذا الصرح الدكتاتوري العظيم أياديه الآثمة جاثما على صدر الأمة والمجتمع؟