مأساة "الحراڤة" متواصلة بالداخل والخارج تمكّنت، أول أمس، بألميريا الإسبانية، قوات الإنقاذ البحري، من توقيف قارب يحمل على متنه 12 "مهاجرا جزائريا"، أثناء إبحاره في منطقة راس سابندا، القريبة من ساحل الإخيدو بمدينة ألميريا، وأوضح مصدر بقوات الإنقاذ لوكالة الأنباء الإسبانية (افي)، أن عملية الاعتراض جاءت بناء على تحذير من طرف أحد القوارب التجارية كان يمر بنفس المنطقة، وقد تم على الفور إرسال فريق من الإنقاذ البحري إلى الناحية، وقام بنقل المهاجرين إلى ميناء ألميريمار، حيث كانت في استقبالهم فرق من الصليب الأحمر الدولي. توقيف 12 "حراڤا" جزائريا من طرف قوات الإنقاذ البحري الإسبانية، جاءت ساعات فقط، بعدما أفشل حراس السواحل لوحدة الغزوات بولاية تلمسان، ليلة السبت الأخير، محاولة للهجرة السرية بعرض جزر "حبيبة" بولاية وهران، وقد أشار بهذا الصدد مصدر أمني، إلى أن زورقا لصيد السردين يحمل 63 راكبا، كان يتأهب للتوجه إلى السواحل الإسبانية، عندما باغته حراس السواحل الذين كانوا يقومون بدورية بهذه الجهة من الساحل الوهراني، في وقت أكدت الأنباء توقيف أزيد من 117 حراڤ قبل أسبوعين على محور وهران - تلمسان - عين تموشنت. عمليات توقيف "الحراڤة"، وتشديد الخناق على الهجرة السرية، يأتي في وقت لم ينس فيه الجزائريون بعد، المأساة التي انتهت بمقتل 8 مهاجرين غير شرعيين وفقدان 13 آخر، ليلة عيد الفطر المبارك بضواحي وهران، حيث كشفت اعترافات الناجين بأنهم قدّموا مبلغ 15 مليون سنتيم مقابل حصولهم على مكان في قارب الموت، وتبين التحريات بأن "الحراڤة" جاؤوا من عدة ولايات من الجمهورية، بما يؤكد أن الشواطئ الغربية للبلاد تحولت إلى مناطق عبور غير قانونية لأعداد متنامية من الشباب الذي يشن رحلة عذاب وضياع بحثا عن فردوس مزعوم وراء البحار. تنامي ظاهرة الهجرة السرية عبر المياه الإقليمية الجزائرية، دفعت مؤخرا القيادة الجهوية الثانية للدرك الوطني بولاية وهران، إلى اعتماد مخطط أمني استثنائي لتطويق هروب "الحراڤة"، خاصة بولايات وهران، تلمسان وعين تموشنت، باعتبارها النقاط السوداء التي يستغلها "تجار" الهجرة السرية لتمرير زبائنهم باتجاه الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، وجاء هذا المخطط، في ظل دق ناقوس الخطر وظهور مخاوف حقيقية من توظيف هذه الهجرة غير القانونية في دعم وتمويل الجريمة المنظمة من خلال تنشيط تهريب المخدرات والبشر والأسلحة وبروز نشاط شبكات إرهابية عبر المسالك البحرية. وبالعودة إلى الأرقام الرسمية لمصالح شرطة الحدود، يتم سنويا توقيف ما لا يقل عن 8000 مهاجر سري يحاولون دخول الأراضي الجزائرية برّا من حوالي 30 دولة إفريقية، هدفهم الوصول إلى المعابر البحرية الغربية، كنقطة للاتجاه نحو الدول الأوروبية القريبة، وكانت أنباء إعلامية قد نقلت في شهر رمضان الماضي، توقيف نحو 400 مهاجر سري باسبانيا أغلبهم من "الحراڤة" الجزائريين. وتشير أرقام للمفوضية الأممية للاجئين، إلى إحصاء 150 ألف مهاجر سري، سنويا، بأوربا معظمهم قادم من النيجر ومالي وموريتانيا والجزائر والمغرب. وفيما لايزال ملف الهجرة السرية محل مفاوضات بين عدة دول إفريقية وأوربية من بينها الجزائر التي أعلنت، في وقت سابق، أنها ترفض أن تكون شرطيا لمراقبة الأفارقة الهاربين باتجاه أوربا، رفعت السلطات الجزائرية من الإجراءات الوقائية والاحتياطية لإنجاح مهمة مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تقرّر إنشاء مفارز أمنية ثابتة بالشواطئ وتخصيص مروحيات متنقلة لضبط تحركات "الحراڤة"، وقد أعدت مصالح الدرك الوطني، في الآونة الأخيرة، تقريرا شاملا لتحديد أسباب هجرة الشباب الجزائري بالطرق غير القانونية، موازاة مع استمرار التحقيقات لتفكيك العصابات التي تتولّى مهمة نقل "الحراڤة". جمال لعلامي وسيلتهم زورق مطاطي ومؤونتهم تمر وحليب تمكنت عناصر الدرك الوطني لفرقة العامرية بعين تموشنت في وقت مبكر من يوم أمس من إحباط محاولة أربعة حراڤة الإبحار سرّا إنطلاقا من حفرة المناصرة القريبة من شاطئ مداغ، حيث اختار الحراڤة هذه المنطقة نظرا لصعوبة المسالك المؤدية إليها، لكن دورية عناصر حراس الشواطئ لوحدة بوزجار أفشلت المغامرة عقب اكتشافها أربعة شبان يختبئون في حافة الجرف، وعليه تحركت فرقة الدرك للقبض على الحراڤة الذين اعترفوا أنهم كانوا بانتظار وصول 6 آخرين حتى تنطلق رحلة المجازفة نحو إسبانيا. وذلك على متن زورق مطاطي تمّ ضبطه في عين المكان، وقد كان غير منفوخ مما يثبت أن ساعة الرحلة "كانت بعيدة قليلا". كما تمّ حجز 7 براميل من الوقود مع مؤونة السفر المتمثلة في التمر والحليب وصدريات النجدة. وكشف مصدر مسؤول بالدرك، أن الحراڤة الأربعة ينحدرون من ولاية وهران، إضافة إلى العامرية، وقد تمّ فتح تحقيق للبحث عن منظم هذه الرحلة والذي استلم منهم مبالغ مالية تراوحت بين 10 و15 مليونا عن كل شخص. للإشارة، فإن شاطئ مداغ، يعتبر من بين أفضل المناطق التي يقصدها الحراڤة لتنظيم رحلاتهم وذلك بسبب عزلته إضافة إلى جغرافيته المساعدة على التخفي عن عيون مصالح حراس الشواطئ والدرك، وهو ما يرجّح أن يكون من أوائل الشواطئ التي ستعمد المصالح المختصة إلى تطبيق الإجراءات الردعية الجديدة فيها مثل تنصيب المفارز الثابتة، ناهيك عن أماكن أخرى مثل شواطئ بوزجار، النجمة، السبيعات وبني صاف.. وذات الإجراء سيطبق في الشواطئ الوهرانية الذي تمّ أول أمس القبض على 63 حراڤا فيها، وبالضبط بشاطئ كوراليز في عين الترك، حيث علمت الشروق اليومي أنه تمّت إحالتهم على العدالة ووضعهم رهن الحبس المؤقت. وتضفي مثل هذه المغامرات وارتفاعها في المدة الأخيرة شكوكا في مدى نجاعة الإجراءات المتخذة من طرف المسؤولين أو فائدتها في الوقت الحالي، علما أن كثيرا من الشباب الراغب بالوصول إلى الضفة الأخرى أبدوا تحديهم لهذه الإجراءات وأظهروا استعدادا لتكرارها. سعيد كسال/ ق. ب