بدأ المصريون أمس الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من أولى انتخابات برلمانية حرة تشهدها البلاد منذ عقود في أعقاب الثورة الشعبية التي أنهت في فيفري الماضي حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر 30 عاما. * وعرفت مراكز الانتخاب، التي تدوم كل مرحلة منها ليومين، إقبالا كبيرا على صناديق الانتخاب، واصطف المئات في طوابير عديدة في القاهرة وباقي محافظات البلاد، وانتشر عشرات الآلاف من قوى الأمن والجيش لتأمين العملية الانتخابية، بعد الأحداث الدامية التي سقط فيها 43 قتيلا في الموجة الثانية من مظاهرات ميدان التحرير. وتجرى الانتخابات على ثلاث مراحل لاختيار 498 عضو في مجلس الشعب. وستكون جولة الإعادة للمرحلة الثالثة والأخيرة في انتخابات المجلس يوم العاشر من جانفي القادم، وسيعين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بمبارك 10 أعضاء آخرين في المجلس، ويهدف إجراء الانتخابات على مراحل إلى ضمان الإشراف القضائي الكامل على جميع مراحل العملية الانتخابية. وعرفت بعد مراكز الانتخاب تأخرا في بداية عملية التصويت بسبب تأخر القضاة المشرفين عليها في الالتحاق أو تأخر وصول أوراق التصويت، واشتكى بعض المرشحين من تجاوزات أبرزها استمرار منافسيهم في تسيير حملات للدعاية الانتخابية بالرغم من أن القانون يمنعها، لكن رئيس اللجنة العليا للانتخابات ومعظم الملاحظين قالوا أنها حالات معزولة لا تؤثر على شفافية العملية الانتخابية. نحو أغلبية إسلامية ومعركة الصلاحيات بدأت وحتى قبل أن تبدأ الانتخابات، كان الجدل في أوجه ما بين الطبقة السياسية وشباب الثورة من جهة، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من جهة أخرى، حول صلاحيات مجلس الشعب المنتخب، وكان الاستفتاء الدستوري الذي جرى التصويت عليه قبل أشهر، قد حدد المهمة الأساسية للبرلمان القادم هي اختيار الجمعية التأسيسية المؤلفة من 100 عضو لصياغة دستور جديد للبلاد. ويحق فقط للأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى اختيار اعضاء الجمعية التأسيسية، وطبقا لما نص عليه الاستفتاء الدستوري، يحتفظ المجلس العسكري بسلطة تعيين الحكومة، لكن بدأ يواجه من الآن ضغوطا من البرلمان لضمان أن تعكس الحكومة القوى الممثلة في البرلمان المنتخب، وسيتمتع البرلمان بسلطة تشريعية، لكن المجلس العسكري سيحتفظ "بالسلطات الرئاسية" حتى انتخاب رئيس جديد. ويستبعد المحللون أن يحصلل أي حزب على اغلبية مطلقة في البرلمان، ويتوقعون ان تعكس النتائج توزع وتفتيت الأصوات على الكثير من التيارات، غير أن استطلاعات الرأي، أشارت إلى أن حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، والأحزاب السلفية يتقدمها حزب النور قد يحصلون مجتمعين على 40 بالمئة من المقاعد، وأن يذهب ثلث المقاعد الى الليبراليين. وبقية المقاعد الى مستقلين وبعض شباب الثورة واعضاء سابقين في الحزب الوطني، وتوقع القيادي السابق في الإخوان المسلمين، والمرشح المحتمل للرئاسيات، عبد المنعم ابو الفتوح أن تحصل الكتلة الإسلامية على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات، وفي مناطق الريف ومحافظات صعيد مصر على وجه الخصوص سيفتك العشرات ابناء العائلات الكبيرة الذين كانوا يخوضون الانتخابات السابقة بصفتهم موالون للحزب الحاكم، مقاعد في البرلمان الجديد.