تدفق المصريون بأعداد كبيرة على مراكز الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي وضعتها لجنة إعداد التعديلات الدستورية وذلك في أول اختبار للتحول الديمقراطي بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك قد شهدت لجان التصويت المحددة إقبالا كثيفا من المواطنين للإدلاء بآرائهم في الساعات الأولى للتصويت. ويشرف على الاستفتاء نحو 16 ألف عضو من الهيئات القضائية، في 54 ألف لجنة فرعية على مستوي الجمهورية. ويشارك في عملية المتابعة الوطنية نحو خمسين ألف شخص يمثلون المنظمات والأحزاب والحركات الشعبية، ويؤمن مقار اللجان نحو 37 ألف عنصر من قوات الجيش والشرطة. ويحق لأكثر من أربعين مليون مصري الإدلاء بأصواتهم إما ب “نعم” أو ب “لا” على تسعة تعديلات دستورية، وإلغاء مادة واحدة، وقامت بإعداد نقاط الاستفتاء لجنة شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى زمام الحكم في البلاد منذ الإطاحة بمبارك في 11 فبراير الماضي. وتهدف الإصلاحات الدستورية إلى فتح الطريق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال ستة أشهر بما يسمح للجيش تسليم السلطة للمدنيين ولحكومة منتخبة. وتضمنت بطاقة الاقتراع النص الكامل للتعديلات وعليها علامتان للاقتراع بنعم أو بلا. ومن أبرز التعديلات الدستورية أن تكون مدة الرئاسة أربع سنوات لفترتين متتاليتين فقط، في حين كانت المدة ست سنوات قابلة للتكرار مدى الحياة في الدستور الحالي. واصطف عشرات الناخبين للإدلاء بأصواتهم في لجنة بوسط القاهرة. وقالت إيمان هلال وهي صاحبة صيدلية وفي أواخر العشرينيات من العمر “أكيد سوف أقترع، جئت مبكرا قدر الاستطاعة لآتي وأقترع، لم أستطع الانتظار”. من جانبه، ذكر أحمد حسين، وهو محام، أنه أدى هو وزوجته وأخوه حقهم في التصويت، مشيرا إلى أن هذا لم يحدث منذ زمن طويل. وقال إنه يشعر بأن صوته سيحترم “بعكس ما كان يحدث في السابق، إذ أن نتائج الاستفتاء والانتخابات كانت معروفة مسبقا”. وأضاف أنه دخل لجنة الانتخابات في مدرسة محمود خاطر في القاهرة ولم تستغرق العملية وقتا طويلا، وأنه قوبل باحترام. وانقسمت آراء المصريين إزاء الاستفتاء بالنسبة لتوقيته ووسط جدل بين مطالب بتغيير شامل للدستور، ودعوات للاكتفاء بالتعديلات لحين انتخاب رئيس جديد وبرلمان للاضطلاع بمهمة إعداد دستور جديد. فأيدت جماعة الإخوان المسلمين التعديلات، الأمر الذي وضعها في خلاف مع الرافضين لها من الأحزاب والحركات العلمانية ودعاة الإصلاح، ومن بينهم مرشحا انتخابات الرئاسة محمد البرادعي وعمرو موسى. وإذا أدى الاستفتاء إلى رفض التعديلات سيتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة مد الفترة الانتقالية من أجل وضع دستور جديد قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية. وكان آلاف خرجوا أمس في مظاهرات بالقاهرة ومدن أخرى رفضا للتعديلات الدستورية التي أقرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث يطالب كثيرون بدستور جديد، قائلين إن مواد باقية من الدستور الحالي الذي صدر عام 1971 تمنح رئيس الدولة الذي سينتخب مستقبلا سلطات مطلقة. لكن التعديلات تلزم الأعضاء المنتخبين لمجلسيْ الشعب والشورى المقبلين باختيار أعضاء جمعية تأسيسية خلال ستين يوما من انتخابهم لوضع دستور جديد. ويقول المعارضون للتعديلات إن الإسراع بإجراء انتخابات تشريعية إذا أقرت التعديلات سيكون من شأنه فوز مرشحي الإخوان المسلمين وأعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا) بأغلبية المقاعد، ويقولون إن الثورة التي أسقطت مبارك طالبت بدستور جديد يضمن أن تكون مصر دولة مدنية.